وعني: بمعنى علي أي لعلي، قال القلاخ:
يا صاحبي، عرجا قليلا، عنا نحيي الطلل المحيلا.
وقال الأزهري في ترجمة عنا، قال: قال المبرد من وإلى ورب وفي والكاف الزائدة والباء الزائدة واللام الزائدة هي حروف الإضافة التي يضاف بها الأسماء والأفعال إلى ما بعدها، قال: فأما ما وضعه النحويون نحو على وعن وقبل وبعد وبين وما كان مثل ذلك فإنما هي أسماء، يقال: جئت من عنده، ومن عليه، ومن عن يساره، ومن عن يمينه، وأنشد بيت القطامي:
من عن يمين الحبيا نظرة قبل.
قال: ومما يقع الفرق فيه بين من وعن أن من يضاف بها ما قرب من الأسماء، وعن يوصل بها ما تراخى، كقولك: سمعت من فلان حديثا، وحدثنا عن فلان حديثا. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده، أي من عباده. الأصمعي: حدثني فلان من فلان، يريد عنه.
ولهيت من فلان وعنه، وقال الكسائي: لهيت عنه لا غير، وقال: اله منه وعنه، وقال: عنك جاء هذا، يريد منك، وقال ساعدة بن جؤية:
أفعنك لا برق، كأن وميضه غاب تسنمه ضرام موقد؟
قال: يريد أمنك برق، ولا صلة، روى جميع ذلك أبو عبيد عنهم، قال: وقال ابن السكيت تكون عن بمعنى على، وأنشد بيت ذي الإصبع العدواني:
لا أفضلت في حسب عني.
قال: عني في معنى علي أي لم تفضل في حسب علي، قال: وقد جاء عن بمعنى بعد، وأنشد:
ولقد شبت الحروب، فما غم - مرت فيها، إذ قلصت عن حيال أي قلصت بعد حيالها، وقال في قول لبيد:
لورد تقلص الغيطان عنه، يبك مسافة الخمس الكمال (* قوله يبك مسافة إلخ كذا أنشده هنا كالتهذيب، وأنشده في مادة قلص كالمحكم:
يبذ مفازة الخمس الكلالا).
قال: قوله عنه أي من أجله. والعرب تقول: سر عنك وانفذ عنك أي امض وجز، لا معنى لعنك. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أنه طاف بالبيت مع يعلى بن أمية، فلما انتهى إلى الركن الغربي الذي يلي الأسود قال له: ألا تستلم؟ فقال له: انفذ عنك فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يستلمه، وفي الحديث: تفسيره أي دعه. ويقال: جاءنا الخبر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فتخفض النون. ويقال: جاءنا من الخير ما أوجب الشكر فتفتح النون، لأن عن كانت في الأصل عني ومن أصلها منا، فدلت الفتحة على سقوط الألف كما دلت الكسرة في عن على سقوط الياء، وأنشد بعضهم:
منا أن ذر قرن الشمس، حتى أغاث شريدهم ملث الظلام.
وقال الزجاج: في إعراب من الوقف إلا أنها فتحت مع الأسماء التي تدخلها الألف واللام لالتقاء الساكنين كقولك من الناس، النون من من ساكنة والنون من الناس ساكنة، وكان في الأصل أن تكسر لالتقاء الساكنين، ولكنها فتحت لثقل اجتماع كسرتين لو كان من الناس لثقل ذلك، وأما إعراب عن الناس فلا يجوز فيه إلا الكسر لأن أول عن مفتوح، قال: والقول ما قال الزجاج في الفرق بينهما.