والأرنب واليربوع والضب، والخبائث: ما كانت تستقذره ولا تأكله، مثل الأفاعي والعقارب والبرصة والخنافس والورلان والفأر، فأحل الله، تعالى وتقدس، ما كانوا يستطيبون أكله، وحرم ما كانوا يستخبثونه، إلا ما نص على تحريمه في الكتاب، من مثل الميتة والجم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به عند الذبح، أو بين تحريمه على لسان سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مثل نهيه عن لحوم الحمر الأهلية، وأكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير. ودلت الألف واللام اللتان دخلتا للتعريف في الطيبات والخبائث، على أن المراد بها أشياء معهودة عند المخاطبين بها، وهذا قول محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه. وقوله عز وجل: ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة، قيل: إنها الحنظل، وقيل: إنها الكشوث.
ابن الأعرابي: أصل الخبث في كلام العرب: المكروه، فإن كان من الكلام، فهو الشتم، وإن كان من الملل، فهو الكفر، وإن كان من الطعام، فهو الحرام، وإن كان من الشراب، فهو الضار، ومنه قيل لما يرمى من منفي الحديد: الخبث، ومنه الحديث: إن الحمى تنفي الذنوب، كما ينفي الكير الخبث. وخبث الحديد والفضة، بفتح الخاء والباء: ما نفاه الكير إذا أذيبا، وهو لا خير فيه، ويكنى به عن ذي البطن.
وفي الحديث: نهى عن كل دواء خبيث، قال ابن الأثير: هو من جهتين:
إحداهما النجاسة، وهو الحرام كالخمر والأرواث والأبوال، كلها نجسة خبيثة، وتناولها حرام، إلا ما خصته السنة من أبوال الإبل، عند بعضهم، وروث ما يؤكل لحمه عند آخرين، والجهة الأخرى من طريق الطعم والمذاق، قال: ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع، وكراهية النفوس لها، ومنه الحديث: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة لا يقربن مسجدنا، يريد الثوم والبصل والكراث، وخبثها من جهة كراهة طعمها ورائحتها، لأنها طاهرة، وليس أكلها من الأعذار المذكورة في الانقطاع عن المساجد، وإنما أمرهم بالاعتزال عقوبة ونكالا، لأنه كان يتأذى بريحها وفي الحديث: مهر البغي خبيث، وثمن الكلب خبيث، وكسب الحجام خبيث. قال الخطابي: قد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ ويفرق بينها في المعنى، ويعرف ذلك من الأغراض والمقاصد، فأما مهر البغي وثمن الكلب، فيريد بالخبيث فيهما الحرام، لأن الكلب نجس، والزنا حرام، وبذل العوض عليه وأخذه حرام، وأما كسب الحجام، فيريد بالخبيث فيه الكراهية، لأن الحجامة مباحة، وقد يكون الكلام في الفصل الواحد، بعضه على الوجوب، وبعضه على الندب، وبعضه على الحقيقة، وبعضه على المجاز، ويفرق بينهما بدلائل الأصول، واعتبار معانيها.
والأخبثان: الرجيع والبول، وهما أيضا السهر والضجر، ويقال: نزل به الأخبثان أي البخر والسهر. وفي الحديث: لا يصلي الرجل، وهو يدافع الأخبثين، عنى بهما الغائط والبول.
الفراء: الأخبثان القئ والسلاح، وفي الصحاح: البول والغائط.
وفي الحديث: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا.
الخبث، بفتحتين: النجس. وفي حديث هرقل: فأصبح يوما وهو خبيث النفس أي ثقيلها كريه الحال، ومنه الحديث: لا يقولن