شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ٧
ويحذف الألف والتاء في نحو مسلمات (1) لافادتهما معا للتأنيث كإفادتهما للجمع، فيلزم من إبقائهما اجتماع التاءين في نحو عرفاتية، ولا ينفصل إحدى الحرفين من الأخرى ثبوتا وزوالا، لكونهما كعلامة واحدة، تقول في أذرعات وعانات: أذرعي (2)
(1) ظاهرة عبارة ابن الحاجب والرضي هنا أن جمعي التصحيح الباقيين على الجمعية إذا أريد النسبة إليهما حذفت منهما علامة الجمع: أي الألف والتاء في جمع المؤنث والواو والنون في جمع المذكر، مع أن الذي يقتضيه كلام الرضي عند شرح قول ابن الحاجب: " والجمع يرد إلى الواحد " ويقتضيه تعليلي النحويين رد الجمع إلى الواحد عند النسبة إليه: أن يرد جمعا التصحيح عند النسبة إليهما إلى الواحد لا أن تحذف منهما علامة الجمع، وفرق بين الرد إلى الواحد وحذف علامة الجمع فإن أرضين مثلا إذا نسبت إليه وهو باق على جمعيته قلت: أرضى بسكون الراء - وإذا نسبت إليه مسمى به حاكيا إعرابه الذي كان قبل التسمية به قلت:
أرضى بفتح الراء وحذف علامة الجمع، وكذلك تمرات في جمع تمرة: إذا نسبت إليه جمعا قلت تمري - باسكان الميم - أي: برده إلى واحده، وإذا نسبت إليه مسمى به قلت: تمري - بفتح الميم وحذف علامة الجمع: أي الألف والتاء -. وتحقيق المقام أنك إذا نسبت إلى المثنى والجمع مطلقا: أي سواء أكان جمع تصحيح أم جمع تكسير، فإن كانت غير مسمى بها ردت إلى واحدها، وإن كانت مسمى بها ففي المثنى وجمع المذكر السالم التفصيل الذي ذكره الرضي هنا، أما جمع المؤنث السالم فليس فيه إلا حذف علامة الجمع أي الألف والتاء للعلة التي ذكرها المحقق الرضي (2) أذرعات - بفتح فسكون فراء مكسورة - وقال ياقوت: " كأنه جمع أذرعة جمع ذراع جمع قلة، وهو بلد في أطراف الشام يجاور أرض البلقاء وعمان ينسب إليه الخمر، وقال الحافظ أبو القاسم: أذرعات مدينة بالبلقاء، وقال النحويون: بالتثنية والجمع تزول الخصوصية عن الاعلام فتنكر وتجري مجرى النكرة من أسماء الأجناس فإذا أردت تعريفه عرفته بما تعرف به الأجناس، وأما نحو أبانين وأذرعات وعرفات فتسميته ابتداء تثنية وجمع، كما لو سميت رجلا بخليلان أو مساجد، وإنما عرف مثل ذلك بغير حرف تعريف وجعلت أعلاما لأنها لا تفترق فنزلت منزلة شئ واحد فلم يقع إلياس، واللغة الفصيحة في عرفات الصرف، ومنع الصرف لغة، تقول: هذه عرفات وأذرعات (بالرفع منونا) ورأيت عرفات وأذرعات (بالكسر منونا) ومررت بعرفات وأذرعات (بالجر منونا) لان فيه سبأ واحدا، وهذه التاء التي فيه للجمع لا للتأنيث، لأنه اسم لمواضع مجتمعة فجعلت تلك المواضع اسما واحدا وكأن اسم كل واحد منهما عرفة وأذرعة، وقيل: بل الاسم جمع والمسمى مفرد، فلذلك لم يتنكر، وقيل: إن التاء فيه لم تتمخض للتأنيث ولا للجمع، فأشبهت التاء في بنات وثبات، وأما من منعها الصرف فإنه يقول: إن التنوين فيها للمقابلة أي يقابل النون التي في جمع المذكر السالم، فعلى هذا غير منصرفة... وينسب إلى أذرعات أذرعي " اه وفي اللسان: " وقال سيبويه: أذرعات بالصرف وغير الصرف، شبهوا التاء بهاء التأنيث ولم يحفلوا بالحاجز لأنه ساكن والساكن ليس بحاجز حصين، إن سأل سائل فقال: ما تقول في من قال هذه أذرعات ومسلمات وشبه تاء الجماعة بهاء الواحدة فلم ينون للتعريف والتأنيث فكيف يقول إذا نكر أينون أم لا، فالجواب أن التنوين مع التنكير واجب هنا لا محالة لزوال التعريف فأقصى أحوال أذرعات إذا نكرتها في من لم يصرف أن تكون كحمزة إذا نكرتها، وكما تقول: هذا حمزة وحمزة آخر (بالتنوين) فتصرف النكرة لا غير فكذلك تقول: عندي مسلمات ونظرت إلى مسلمات أخرى (بالتنوين) فنون مسلمات لا محالة، وقال يعقوب أذرعات ويذرعات موضع بالشام حكاه في المبدل " اه وفي القاموس: " وأذرعات بكسر الراء وتفتح: بلد بالشام والنسبة أذرعي بالفتح " اه ومثل قوله: " والنسبة أذرعي بالفتح " في اللسان عن ابن سيده، نقول: أما النسبة بفتح الراء إلى أذرعات (بفتح الراء) فواضحة، فإنها لا تعدو حذف تاء التأنيث ثم تحذف الألف لكونها خامسة كألف خوزلي مثلا، وأما النسبة بفتح الراء إلى أذرعات بكسر الراء فإنها بعد حذف علامة الجمع، وهي الألف والتاء صار الاسم على أربعة أحرف ثالثها مكسور فلو بقى على حاله لأجتمع كسرتان بعدهما ياءان فخففوا ذلك بفتح الراء كما قالوا في تغلب تغلبي بفتح اللام وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد يطرد ذلك ويقيسه، وغيره يقصره على السماع