شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٤
وأما أيمن الله (1) فإن نونه لما كانت تحذف كثيرا نحو أيم الله، والقسم موضع التخفيف صار النون الثابت كالمعدوم.
(1) قال في اللسان: " قال الجوهري: وأيمن: اسم وضع للقسم هكذا بضم الميم والنون، وألفه وصل عند أكثر النحويين، ولم يجئ في الأسماء ألف وصل مفتوحة غيرها، قال: وقد تدخل عليه اللام لتأكيد الابتداء، تقول:
لأيمن الله، فتذهب الألف في الوصو، قال نصيب:
فقال فريق القوم نشدتهم: * نعم، وفريق لايمن الله ما ندري وهو مرفوع بالابتداء وخبره محذوف، والتقدير لايمن الله قسمي، ولايمن الله ما أقسم به، وإذا خاطبت قلت: لايمنك، وفى حديث عروة بن الزبير أنه قال: لايمنك لئن كنت ابتليت لقد عافيت، ولئن كنت سلبت لقد أبقيت، وربما حذفوا منه النون، قالوا: أيم الله، إيم الله أيضا، بكسر الهمزة، وربما حذفوا منه الياء، قالوا: أم الله، وربما أبقوا الميم وحدها مضمومة، قالوا: م الله ثم يكسر ونها، لأنها صارت حرفا واحدا فيشبهونا بالباء، فيقلون: م الله، وربما قالوا: من الله - بضم الميم والنون، ومن الله - بفتحهما، ومن الله - بكسرهما، قال ابن الأثير: أهل الكوفة يقولون: أيمن جمع يمين القسم، والألف فيها ألف وصل تفتح وتكسر، قال ابن سيده: وقالوا: إيمن الله وأيم الله، إيمن الله، وإيم الله، ومن الله (بضم الميم) فحفوا، ومن الله (بفتح الميم) أجري مجرى م الله (بكسر الميم). قال سيبويه: وقالوا: لايم الله، واستدل بذلك على أن ألفه ألفه وصل، قال ابن جنى: ما أيمن في القسم ففتحت الهمزة منها، وهي اسم، من قبل أن هذا اسم غير متمكن ولم يستعمل إلا في القسم وحده، فلما ضارع الحرف بقلة تمكنه فتح تشبيها بالهمزة الاحقة بحرف التعريف، وليس هذا فيه إلا دون بناء الاسم لمضارعة الحرف، وأيضا فقد حكى يونس: إيم الله - بالكسر، ويؤكد عندك أيضا حال هذا الاسم في مضارعة الحرف أنهم قد تلاعبوا به واضعفوه فقالوا مرة: م الله ومرة م الله ومرة م الله (بضم الميم وفتحها وكسرها) فلما حذفوا هذا الحذف المفرط واصاروه من كونه على حرف إلى لفظ الحروف قوى شبه الحرف عليه ففتحوا همزته تشبيها بهمزة لام التعريف) اه كلام اللسان وقال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 313) ما نصه: (وأيمن الله عند الكوفيين جمع يمين فهو مثل يمين الله جعلت همزة القطع فيه وصلا تخفيفا لكثرة الاستعمال كما قال الخليل في همزة آل المعرفة وعند سيبويه هو مفرد مشتق من اليمن وهو البركة: أي بركة الله يميني وهمزته للوصل في الأصل والدليل عليه تجويز كسر همزته وانما كان الأغلب فتح الهمزة لكثرة استعماله ويستبعد أن تكون الهمزة في الأصل مكسورة ثم فتحت تخفيفا لعدم افعل - بكسر الهمزة في الأسماء والافعال (يريد بكسر الهمزة مع سكون الفاء وضم العين) ولذا قالوا في الامر من نحو نصر: انصر - بضم الهمزة ويستبعد أصالة افعل في المفردات أيضا فيصدق ههنا قوله:
فأصبحت انى تأتها تبتئس بها * كلا مر كبيها تحت رجليك شاجر) اه كلام المؤلف ويريد المؤلف بقوله (ويستبعد أصالة افعل في المفردات أيضا) انه لا يجوز ان يكون أيمن مكسور الهمزة في الأصل مع كونها فاء الكلمة لأنه يؤدى إلى أن يكون وزنه فعللا - بكسر الفاء وسكون العين وضم اللام الأولى - وهو غير موجود في كلامهم. ومما نقلناه لك من عبارة المؤلف في شرح الكافية تعلم أن ابن الأثير أراد من العبارة التي حكاها صاحب اللسان عنه وهي قوله (والألف فيها الف وصل) ان همزة أيمن صيرت همزة وصل لكسرة الاستعمال وإن كانت همزة قطع في أصل الوضع فيتفق ما حكاه ابن الأثير عن الكوفيين مع ما حكاه المؤلف عنهم لان همزة افعل صيغة للجمع لا تكون الا همزة قطع فغير معقول ان يزعم الكوفيون انها همزة وصل وضعا