راجعة إلى معنى ذلك النفي أو النهي، مؤكدة لمعناهما، وما بعد (بل) باق على الخلاف المذكور، بين المبرد والجمهور، ولا تجئ (بل) المفردة 1، العاطفة للمفرد، بعد الاستفهام، لأنها لتدارك الغلط الحاصل من الجزم بحصول مضمون الكلام أو طلب تحصيله ولا جزم في الاستفهام، لا بحصول شئ، ولا بتحصيله، حتى يقع الغلط فيتدارك، وكذا قيل: إنها لا تجئ بعد التحضيض والتمني والترجي والعرض، والأولى أنه يجوز استعمالها بعد ما يستفاد منه معنى الأمر والنهي، كالتحضيض والعرض ، وأما (بل) التي تليها الجمل، ففائدتها الانتقال من جملة إلى أخرى، أهم من الأولى، وقد تجئ للغلط 2، والأولى تجئ بعد الاستفهام أيضا كقوله تعالى: ( أتأتون الذكران من العالمين) 3، إلى قوله: (بل أنتم قوم عادون) والتي لتدارك الغلط نحو: ضربت زيدا، بل أكرمته، وخرج زيد، بل دخل خالد، وقد تشترك الجملتان في جزء، وقد لا 4 تشتركان، وأما لكن فشرطها مغايرة ما قبلها لما بعدها، نفيا وإثباتا، من حيث المعنى، لا من حيث اللفظ، كما مر في المثقلة، فإذا عطفت بها المفرد، ولا يكون في ذلك المفرد معنى النفي، لأن حروف النفي إنما تدخل الجمل، وجب أن يكون (لكن) بعد النفي، لتغاير ما بعدها لما قبلها، نحو: ما جاءني زيد لكن عمرو، وقد مر معنى الاستدراك في المشددة، فعدم مجئ زيد، باق على حاله، لم يكن الحكم به منك غلطا، وإنما جئت بلكن، دفعا لتوهم المخاطب أن عمرا، أيضا، لم يجئ كزيد، فهي في عطف المفرد نقيضة (لا) لأنها للأثبات للثاني بعد النفي عن الأول، و (لا) للنفي عن الثاني بعد الاثبات للأول، ،
(٤١٩)