هذا ما قيل، وينبغي أن تعرف أن جواز الجمع بين الأمرين في نحو:
تعلم الفقه أو النحو، لم يفهم من (اما) و (أو)، بل ليستا إلا لأحد الشيئين في كل موضع، وإنما استفيدت الإباحة مما قبل العاطفة وما بعدها معا، لأن تعلم العلم خير، وزيادة الخير خير، فدلالة (أو) و (إما) في الإباحة والتخيير، والشك والأبهام والتفصيل على معنى أحد الشيئين أو الأشياء على السواء، وهذه المعاني تعرض في الكلام، لا من قبل (أو)، و (إما) بل من قبل أشياء أخر، فالشك من قبل جهل المتكلم وعدم قصده إلى التفصيل أو الإبهام، والتفصيل من حيث قصده إلى ذلك، والإباحة، من حيث كون الجمع يحصل به فضيلة، والتخيير من حيث لا يحصل به ذلك، وأما في سائر أقسام الطلب، فالاستفهام نحو: أزيد عندك أو عمرو، لا يعرض فيه شئ من المعاني المذكورة، وأما التمني نحو: ليت لي فرسا أو حمارا ، فالظاهر فيه جواز الجمع، إذ في الغالب من العادات أن من يتمنى أحدهما لا ينكر حصولهما معا، وأما التحضيض، نحو: هلا تتعلم الفقه أو النحو، وهلا تضرب زيدا أو عمرا، والعرض نحو: ألا تتعلم الفقه أو النحو وألا تضرب زيدا أو عمرا، فكالأمر، في الإباحة والتخيير بحسب القرينة، ولما كثر استعمال (أو) في الإباحة التي معناها جواز الجمع، جاز استعمالها بمعنى الواو، قال:
وكان سيان أن يسرحوا غنما * أو يسرحوه بها واغبرت السوح 1 - فإن (سيان) بمعنى: مستويان، وهو بين الشيئين، وقال:
883 - سيان كسر رغيفه * أو كسر عظم من عظامه 2 وقد تجئ (أو) بمعنى (إلى) أو (إلا) كما تقدم في نواصب المضارع، وإذا نفيت الخبر، نحو: رأيت زيدا أو عمرا، فإن أردت نفي رؤيتهما معا، قلت: ما رأيت واحدا ،