لأن نفي القرب من الفعل أبلغ في انتفاء ذلك الفعل من نفي الفعل نفسه، فإن: ما قربت من الضرب، آكد في نفي الضرب من: ما ضربت، بلى، قد يجئ مع قولك: ما كاد زيد يخرج، قرينة تدل على ثبوت الخروج بعد انتفائه وبعد انتفاء القرب منه، فتكون تلك القرينة دالة على ثبوت مضمون خبر كاد في وقت، بعد وقت انتفائه وانتفاء القرب منه، لا لفظ كاد 1، ولا تنافي بين انتفاء الشئ في وقت، وثبوته في وقت آخر، وإنما التناقض بين ثبوت الشئ وانقفائه في وقت واحد، فلا يكون، إذن، نفي كان مفيدا لثبوت مضمون خبره، بل المفيد لثبوته تلك القرينة، فإن حصلت قرينة هكذا، قلنا بثبوت مضمون خبر كاد، بعد انتفائه، كما في قوله تعالى: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) 2، أي:
ما كادوا يذبحون قبل ذبحهم وما قربوا منه، إشارة إلى ما سبق قبل ذلك من تعنتهم في قولهم:
(أتتخذنا هزوا،.. ادع لنا ربك يبين لنا ما هي، ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها، ادع لنا ربك يبين لنا ما هي..)، وهذا التعنت دأب من لا يفعل ولا يقارب الفعل أيضا، وإن لم يثبت قرينة هكذا، كقولك: مات زيد وما كاد يسافر، قلنا بقي مضمون خبر كاد على انتفائه وعلى انتفاء القرب منه، كما في قوله تعالى: (لم يكد يراها) 3، وقوله:
736 - إذا غير النأي المحبين لم يكد * رسيس الهوى من حب مية يبرح 4 إذ ليس في هذه المواضع ما يدل على حصوله بعد انتفائه، ومثل هذه القرينة هي الشبهة لمن قال إن نفي كاد إثبات، فقال بعضهم إنه للأثبات، في الماضي كان، كقوله تعالى (وما