شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ١٢
واشتريت، والفرق بين (بعت) الإنشائي، و: (أبيع) المقصود به الحال، أن قولك:
أبيع، لا بد له من بيع خارج حاصل بغير هذا اللفظ، تقصد بهذا اللفظ مطابقته لذلك الخارج، فإن حصلت المطابقة المقصودة فالكلام صدق، وإلا فهو كذب، فلهذا قيل:
إن الخبر محتمل للصدق والكذب، فالصدق محتمل اللفظ من حيث دلالته عليه، والكذب محتمله ولا دلالة للفظ عليه، وأما: (بعت) الإنشائي فإنه لا خارج له تقصد مطابقته، بل البيع يحصل في الحال بهذا اللفظ، وهذا اللفظ موجد له، فلهذا قيل:
إن الكلام الإنشائي لا يحتمل الصدق والكذب: وذلك لأن معنى الصدق : مطابقة الكلام للخارج، والكذب، عدم مطابقته له، فإذا لم يكن هناك خارج، فكيف تكون المطابقة وعدمها.
واعلم أن الماضي ينصرف إلى الاستقبال بالإنشاء الطلبي: إما دعاء، نحو: رحمك الله، وإما أمرا، كقول علي رضي الله عنه في النهج: (أجزأ امرؤ قرنه، وآسى آخاه بنفسه) 1، وينصرف إليه أيضا، بالاخبار عن الأمور المستقبلة مع قصد القطع بوقوعها، كقوله تعالى: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) 2، و: (وسيق الذين... 3)، والعلة في الموضعين: أنه من حيث إرادة المتكلم لوقوع الفعل قطعا:
كأنه وقع ومضى، ثم هو يخبر عنه. وينصرف إليه، أيضا، إذا كان منفيا بلا، أو إن، في جواب القسم، نحو: والله لا فعلت، أو: إن فعلت، فلا يلزم تكرير (لا)، كما يلزم في الماضي الباقي على معناه، قال:
.

(1) هذا مما جاء في نهج البلاغة، وهو من خطبة للامام على رضي الله عنه يحرض فيها أصحابه على القتال، وصوابه كما أثبتناه: وآسى بالعطف على أجزأ، ومعناه: ليجزئ كل واحد منكم قرنه أي خصمه في الحرب، وليواس زميله في الحرب بنفسه ولا يتركه لعدوه، انظر نهج البلاغة ص 149 طبع مطابع الشعب بالقاهرة، اخراج الأستاذين: محمد البنا. ومحمد عاشور. وهي الطبعة التي ننقل عنها في تعليقاتنا على هذا الشرح، ثم انظر ما كتبناه في المقدمة عن استشهاد الرضي بكلام الأمام علي، وما قيل في نسبة نهج البلاغة إليه رضي الله عنه.
(2) الآية 44 سورة الأعراف.
(3) صدر كل من الآيتين: 71، 73 في سورة الزمر
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست