الحسن أنه نسي هذا الحديث، فكان يقول: " لا يقتل حر بعبد " ويحتمل أن يكون الحسن لم ينس الحديث، ولكنه كان يتأوله على غير معنى الايجاب، ويراه نوعا من الزجر ليرتدعوا ولا يقدموا عليه، كما قال في شارب الخمر: " إن عاد في الرابعة أو الخامسة فاقتلوه " ثم جئ به فيها فلم يقتله.
وتأوله بعضهم أنه جاء في عبد كان يملكه مرة، ثم زال ملكه عنه فصار كفؤا له بالحرية.
ولم يقل بهذا الحديث أحد إلا في رواية شاذة عن سفيان، والمروى عنه خلافه.
وقد ذهب جماعة إلى القصاص بين الحر وعبد الغير. وأجمعوا على أن القصاص بينهم في الأطراف ساقط، فلما سقط الجدع بالاجماع سقط القصاص، لأنهما ثبتا معا، فلما نسخا نسخا معا، فيكون حديث سمرة منسوخا. وكذلك حديث الخمر في الرابعة والخامسة.
وقد يرد الامر بالوعيد ردعا وزجرا وتحذيرا، ولا يراد به وقوع الفعل.
* وكذلك حديث جابر في السارق " أنه قطع في الأولى والثانية والثالثة، إلى أن جئ به في الخامسة فقال: اقتلوه، قال جابر: فقتلناه " وفى إسناده مقال. ولم يذهب أحد من العلماء إلى قتل السارق وإن تكررت منه السرقة.
(س) وفيه " على المقتتلين أن يتحجزوا، الأولى فالأولى، وإن كانت امرأة " قال الخطابي: معناه أن يكفوا عن القتل، مثل أن يقتل رجل له ورثة، فأيهم عفا سقط القود.
والأولى: هو الأقرب والأدنى من ورثة القتيل.
ومعنى " المقتتلين ": أن يطلب أولياء القتيل القود فيمتنع القتلة فينشأ بينهم القتال من أجله، فهو جمع مقتتل، اسم فاعل من اقتتل.
ويحتمل أن تكون الرواية بنصب التاءين على المفعول. يقال: اقتتل فهو مقتتل، غير أن هذا إنما يكثر استعماله فيمن قتله الحب.
وهذا حديث مشكل، اختلفت فيه أقوال العلماء، فقيل: إنه المقتتلين من أهل القبلة، على التأويل، فإن البصائر ربما أدركت بعضهم، فاحتاج إلى الانصراف من مقامه المذموم إلى المحمود،