رجلان يمشيان أمامه، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام قد أتى من ناحية البدو فأثبتني ولم أثبته حتى سمعت كلامه، فقال: أين تريد يا صخر؟ قلت: البدو فأدفع (1) الصحابة، قال: فما هذا الذي في قراب سيفك؟ قلت: لا تدع مزاحك أبدا، ثم جزته (2).
الأصبغ قال: صلينا مع أمير المؤمنين عليه السلام الغداة، فإذا رجل عليه ثياب السفر قد أقبل، فقال: من أين؟ قال: من الشام، قال ما أقدمك؟ قال: لي حاجة، قال:
أخبرني وإلا أخبرتك بقضيتك، قال: أخبرني بها يا أمير المؤمنين، قال: نادى معاوية يوم كذا، وكذا من شهر كذا وكذا، من سنة كذا وكذا: من يقتل عليا فله عشرة آلاف دينار، فوثب فلان وقال: أنا، قال: أنت، فلما انصرف إلى منزله ندم وقال: أسير إلى ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي ولديه فأقتله؟! ثم نادى مناديه اليوم الثاني: من يقتل عليا فله عشرون ألف دينار، فوثب آخر فقال: أنا فقال: أنت، ثم إنه ندم واستقال معاوية فأقاله، ثم نادى مناديه اليوم الثالث: من يقتل عليا فله ثلاثون ألف دينار، فوثبت أنت - وأنت رجل من حمير - قال: صدقت قال: فما رأيك؟ تمضي إلى ما أمرت به أو ماذا؟ قال: لا ولكن أنصرف، قال: يا قنبر أصلح له راحلته وهيئ له زاده وأعطه نفقته (3).
وروي عن الحسن بن علي عليه السلام في خبر أن الأشعث بن القيس الكندي بني في داره مئذنة، فكان يرقى إليها إذا سمع الأذان في أوقات الصلاة في مسجد جامع الكوفة فيصيح من أعلى مئذنته: يا رجل إنك لكذاب (4) ساحر، وكان أبي يسميه عنق النار - وفي رواية عرف النار - فيسأل (5) عن ذلك فقال: إن الأشعث إذا حضرته