خشبي من الساج، هو اليوم في المتحف العراقي، وهو آية في الحسن والفن في النقش والترصيع والتذهيب، وعليه كتابات جميلة، واسم المستنصر بالله، وتاريخ صنعه سنة (624 ه). كما وضع من قناديل الذهب والفضة، والشمعدانات، والمعلقات النفيسة، والستائر الشيء الكثير. وهو الذي بنى المدرسة المستنصرية في بغداد.
وفي سنة (646 ه / 1249 م) وعلى إثر أمطار غزيرة في شوال امتلأت بها الشوارع والدور، فغرقت القرى، وتهدمت المساكن، وتلفت المزارع، وتعطل على الناس معظم أعمالهم، وكان من نتيجتها أن زادت دجلة في ذي الحجة زيادة عظيمة، فطغى الماء على الضريحين المشرفين، بحيث لم يبن منهما سوى رؤوس رمانات البنيات التي كانت عليهما.
وفي السنة التالية (647 ه) أمر المستعصم بالله آخر ملوك بني العباس ببناء السور، ولما شرعوا بالحفر لأساس السور وجدوا جرة أو إناء خزفيا فيه ألف درهم قديم، البعض منها يونانية عليها صور، ومنها دراهم ضرب بغداد سنة نيف وثلاثين ومئة، ومنها ما هو ضرب واسط يقرب من هذا التاريخ. فحملت إلى الخليفة، فأمر ببيعها وصرف أثمانها في عمارة المشهد، فاشتراها الناس بمبالغ جزيلة، وأهدي البعض منها إلى الأكابر والتجار، فأهدوا بدورهم إلى المشهد أضعاف ما أرسل إليهم.
وفي سنة (656 ه / 1258 م) وفي الخامس من صفر دخل هولاكو المغولي بغداد فاتحا، ومنهيا بذلك الفتح الحكم العباسي الذي دام لأكثر من خمسة قرون، فأحرق معظم محلاتها وأسواقها، وأباحها لمدة أربعين يوما لجنده، فعاث جنده فيها فسادا ونهبا، وتخريبا وحرقا. ولم يسلم منهم - طبعا - المشهد الكاظمي نهبا وحرقا، فلم يكن الزاحفون المحتلون الجدد يعرفون للأماكن المقدسة حرمة،