تقدمة:
مما لاشك فيه أن للأدب العربي شمولية قصوى، وأثر عميق على المجتمع الإسلامي وخاصة العربي. فهو يعتبر حجر الزاوية الذي يعكس الحالات الاجتماعية في كل عصر ومصر، ويصور الواقع الاجتماعي، والسياسي، والأحداث التاريخية المهمة، ويترجم سير الملوك والأمراء والأعيان، ويمكن المؤرخ - في الغالب - أن يستنتج من خلال المقطوعة الشعرية حقيقة الحدث والواقع التاريخي الذي مر عليه الشاعر، أو ترسيم معالمه في ذلك الوقت مع مراعاة الظروف والعوامل السياسية والاجتماعية، والمذهبية أيضا.
والشعر يعتبر أحد أقوى مفردات الأدب العربي وهو الوسيلة الإعلامية الأكثر فاعلية وانتشارا، والأسرع وقعا في النفس، والأبلغ تعبيرا، والأشد رسوخا في الذهن من غيرها من الأدوات الإعلامية في ذلك الحين.
وقد استخدم الشعر في مختلف المجالات، وشتى الأغراض، ولم يبق مجال من مجالات الحياة إلا وتناوله الأدباء بمقطوعات شعرية رائعة أو في أبيات متفرقات، والتي بقيت خالدة، وخلدت بخلودها الحدث وآثاره.
من هذا المنطلق جاء اهتمام الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الوسيلة، فحث الشعراء المسلمين لا سيما شاعره حسان بن ثابت على نظم الشعر، متخذا منه سيفا بتارا ذا حدين، يستعمله للمدح والتمجيد، وبيان مآثر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومناقبه، ومحاسن الدين الجديد؛ وهجاء وكشف مثالب الكفار والمشركين من أعدائه، أعداء الدين الحنيف، وإشهار صفاتهم الذميمة.