احتجاجات الإمام (عليه السلام) ومناظراته:
ومن براهين سعة علمه (عليه السلام) مناظراته العلمية مع كبار العلماء خاصة في موسم الحج، والذي حفظه لنا التاريخ هو بضع مناظرات جرت بينه (عليه السلام) وبين يحيى بن أكثم قاضي القضاة الفاسق، الأفضل تترك هذه الكلمة ومع ذلك فقد ولي القضاء على بغداد وسامراء والبصرة سنين عديدة أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل رغم علم هؤلاء بحاله. والظاهر أن تقديم يحيى لمناظرة الإمام الجواد (عليه السلام) كان مقصودا، ويراد منه عدة غايات كان يضمرها حكام بني العباس الذين كانوا على شاكلة قضاتهم.
وعلى رغم معلومية حال ابن أكثم، تم تعيينه في هذا المنصب الخطير. ولم لا وقد شهد التاريخ لهؤلاء الحكام بأن قصورهم كانت مرتعا لكل رذيلة وموبقة دنيئة.
وعلى كل حال، فالحديث عما في قصور بني أمية وبني العباس من فضائح لا طائل منه هاهنا. فليس بعيد عن القارئ اللبيب تكوين صورة متضحة المعالم عن ممارسات الأمراء والوزراء وحاشية البلاط فضلا عن خلفائهم، فهي مبثوثة في طيات كتب التاريخ والأدب والسير والمستطرفات. وكتاب الأغاني وغيره في متناول الجميع، ففيها ما استطاعوا تدوينه، وما خفي أعظم.
وأما ما كان من مناظرات الإمام الجواد (عليه السلام) مع يحيى بن أكثم، فإن المأمون العباسي كان يجمع بينهما بين آونة وأخرى للمناظرة، وإنه ليعلم أن ابن أكثم ليس إلا خردلة أمام عظمة علم الإمام؛ لكنه كان يكابر، ويتمنى أن تصدر من الإمام هفوة أو زلة ليتخذها ذريعة في تحقيق مآربه الدنيئة.
وجمعهما مرة فقال المأمون ليحيى بن أكثم: اطرح على أبي جعفر محمد بن