المشهد الكاظمي المشرف، فبدأ بترميم ما أتلفته يد العدوان، وعوادي الزمن، فزين الصندوقين الخشبيين، وأصلح الرواق والمأذنتين ووسع الصحن، وزاد في الحجرات في أطرافه. كما جعل المشهد المبارك أمنا وملاذا للمذنبين بالعفو عن جرائم من التجأ إليه، وقضاء حوائجه.
وفي سنة (608 ه / 1211 م) وبأمر من الناصر لدين الله - ولأول مرة - خصصت بعض حجرات الصحن الشريف لتكون مدرسة للعلوم الدينية والعربية، وأمر بقراءة مسند أحمد على الفقيه الإمامي صفي الدين محمد بن معد الموسوي، وأجرى للطلاب أرزاقا. كما بنى دارا للأيتام محاذية للصحن المطهر.
وفي أيامه بني سور محكم حول البلدة؛ ليكون سدا أمام طغيان الماء، وردا للمفسدين من التعرض للروضة؛ لأن سور الصحن لم يكن يفي بالحماية من جرف الماء، ونهب السراق.
وفي سنة (614 ه / 1217 م) زادت دجلة زيادة عظيمة لم يحدث مثيلها من ذي قبل، فلم يحم سور البلدة، ولا سور الصحن، المرقد الشريف من دخول الماء إلى داخل الروضة المباركة، فتهدمت حيطانها، وخربت جدرانها بعد أن تلاشى السوران، وانهدمت العديد من البيوت والأبنية المجاورة.
وفي سنة (622 ه / 1225 م) في أيام الظاهر بأمر الله، الذي لم يحكم أكثر من سنة واحدة، وقع حريق هائل في مشهد الكاظمين، فأتى الحريق على الأثاث والفرش، والمصاحف، والكتب، وسرت النيران إلى الصندوقين في القبة الشريفة، فأمر الظاهر وزيره مؤيد الدين القمي بتعمير المشهد وإعماره، وفي أثناء ذلك مات الظاهر سنة (623 ه / 1226 م)، فتولى الحكم من بعده ولده المستنصر بالله المنصور بن الظاهر الحاكم العباسي السادس والثلاثون المتوفى سنة (640 ه / 1242 م) فأكمل البناء والتعمير بأروع مما كان قد ابتدأ، وأمر بعمل صندوق