ثم قال المفيد في إرشاده: وودعوه ومضى (عليه السلام) من وقته إلى المدينة، فلم يزل بها إلى أن أشخصه المعتصم في أول سنة عشرين ومائتين إلى بغداد، فأقام بها حتى توفي في آخر ذي القعدة من هذه السنة، فدفن في ظهر جده أبي الحسن موسى (عليه السلام) (1).
من خلال رواية الشيخ المفيد هذه يتبين أن الثابت لديه أن للإمام (عليه السلام) رحلتين إلى بغداد لا غير.
وعنه أيضا قال: وقد روى الناس: أن أم الفضل بنت المأمون كتبت إلى أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر (عليه السلام) وتقول: إنه يتسرى علي ويغيرني، فكتب إليها المأمون: يا بنية، إنا لم نزوجك أبا جعفر لتحرمي عليه حلالا، فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها.
شذرات من أخباره:
ثم إن أبا جعفر الثاني (عليه السلام) على رغم قصر سني عمره، إذ رحل وهو في منتصف العقد الثالث من عمره الشريف، ورغم تضارب بعض الأخبار في بعض جوانب حياته، وغموض البعض الآخر، إلا أن حياته الشريفة حافلة بالأحداث والمواقف، ولو أردنا استقصاء مختلف جوانب حياته السياسية والدينية والاجتماعية، ودراستها وتحليلها لاحتجنا إلى جهد استثنائي، ووقت طويل، ومجلد ضخم، قد لا نستطيع أن نتوفر على ذلك، ثم لا نبلغ مداه، ونحن على وفاز من أمرنا، لذا رأينا أن نلتقط الأخبار والروايات التي نتمكن من خلالها تكوين صورة متكاملة لسيرة الإمام الهمام جواد الأئمة (عليه السلام)، وكلهم جود وكرم وعطاء، دون الإخلال في جانب من جوانبها.