المأمون العباسي:
العباسيون نظراء بني أمية الأعداء التقليديين لأهل البيت العلوي الطاهر إن لم يكونوا أعداء الوحي والرسالة والنبوة إلا من شذ منهم فهدي إلى سواء السبيل.
فهم أيضا ناصبوا آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) العداء، وراحوا يوغلون فيهم السيف، ويلاحقونهم وإن سلكوا المغارات أو هاموا في البراري أو تخفوا في الأودية والشعاب. وفضائع الأيام، وفجائع التاريخ تقرؤها على مدى سني حكمهم، قد حفظتها عليهم المدونات التأريخية، بل والحديثية أيضا والتي كتبت جلها في عهد حكومتهم. فقد بان عليها الدس والتزوير، وإقصاء حديث أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك لا يحتاج إلى كثير عناء لاستيضاحه واستجلاء حقيقته.
ولكن الله تعالى كما أنزل الذكر وهو له حفيظ، كذلك عين أوصياء الرسالة الخاتمة وضمن لهم ذكرا خالدا، وثناء جميلا في كل عصر، وتربة معطار أضحت اليوم وبعد ركام من السنين أعجوبة المتطلعين، وكعبة الوفاد والنواجع، بهم يستشفى، وبهم تدرك الطلبات، وبهم تؤمل الشفاعة والنجاة يوم لا ينفع مال ولا بنون، وهم بعد هذا وقبله أكرم على الله من كثير مما خلق.
فهذا المأمون العباسي المتوفى سنة (218 ه) الذي اغتال بالأمس القريب الإمام الرضا علي بن موسى (عليه السلام) نراه اليوم يتزلف لابنه الإمام الجواد (عليه السلام) رغم حداثة سنه؛ ليدفع عن نفسه شبهة قتل أبيه، بل هي المكارم والعلا لأهل البيت النبوي الشريف التي يجب أن تظهر حتى على ألسنة الأعداء بقصد أو دون قصد، وهم في نفس الوقت يجهدون في إبعاد أهل البيت (عليهم السلام) عن دائرة الأنظار، ونقطة الارتكاز. فقد عقد مجلسا بعيد استدعاء الإمام الجواد من المدينة إلى بغداد، جمع فيه حاشيته وبطانته، وطرح فيه عزمه على تزويج الإمام من ابنته زينب (أم