ومخلفات الحريق بينهم وبين الاهتداء إلى القبرين، فحفروا فلم يفلحوا بالعثور على ما ابتغوا، ولم يهتدوا إلى شيء مما طلبوا، ورد الله كيد العابثين، وسلم جسدي الإمامين من أن تنالهما يد السوء.
وفي سنة (444 ه / 1052 م) أخذ أرسلان بن عبد الله، أبو الحارث البساسيري المتوفى سنة (451 ه / 1059 م) القائد التركي الشهير بالاستعانة بأبي نصر فيروز بن أبي كاليجار المرزبان ابن سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة، الملقب بالملك الرحيم، فعمل صندوقان من الساج أفخم من الصندوقين السابقين، نصبا على القبرين، وقام - وعلى مدى سنة أو نحو ذلك - بتعمير القبتين والروضة الشريفة من الداخل، والصحن الأقدس، وأعيدت الزينة، إلى غير ذلك من شؤون رفعة المرقد المطهر وإضفاء مظاهر الجلال والقداسة عليه، ورفاه حال الزائرين.
وفي سنة (466 ه / 1073 م) حدث فيضان دجلة، فغرق الجانب الشرقي من بغداد، وبعض الجانب الغربي، ووصلت مياه الفيضان إلى مشهد الإمامين الكاظم والجواد (عليهما السلام)، فتهدم سوره، وحدثت به أضرار أخرى، فبذل شرف الدولة مبلغ (1000) ألف دينار لعمارته.
وفي سنة (490 ه / 1097 م) قام الأسعد بن موسى القمي، أبو الفضل مجد الملك أحد وزراء بركيا روق بن ملكشاه السلجوقي المتوفى سنة (498 ه / 1104 م) بتعمير الروضة الكاظمية المقدسة، فوضع للبناء أساسا محكما، وعلى القبرين صندوقين من الساج، كما بنى مسجدا إلى الشمال من الروضة، وهو الذي جدد بناءه الشاه إسماعيل الصفوي وسمي ب (الجامع الصفوي)، وبنى للروضة المشرفة - على ساكنيها آلاف التحية والتسليم - مأذنتين رفيعتين، وشيد في خارجها بيتا واسعا كثير الغرف لنزول الزوار فيه.