للانتهال من نمير علومهم ومعارفهم، لما وجدوا عندهم من غزارة في العلوم والمعارف مما لم يتسن لأحد في زمان أي واحد منهم، عليهم أفضل الصلاة والتسليم، ولما وجدوا فيهم أيضا من دماثة الخلق، وسماحة الطبع، وبياض الأيدي، وطيب السريرة.
وعليه فمن أجل هذا كله كانوا صلوات الله عليهم أجمعين هم الغاية والمدى لكل مقرض وقاصد إطراء وتقريظ، بل وجد الشعراء ميدانا واسعا لا تحده حدود لخيالهم في أن يقولوا ما يحلو لهم، وما بدا لهم أن يطرقوه من أنواع المحسنات البديعية، فراحوا يغرقون نزعا في نظم القريض، وهم بعد لم يصلوا إلى عشر معشار ممدوحهم، وما أظن أن أحدا من أولئك الشعراء يقتنع بإصابته الغرض، وذاك شاعرهم الفحل يقول:
قيل لي أنت أشعر الناس طرا * في فنون من الكلام النبيه لك من جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه فعلام تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه قلت لا أستطيع مدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه (1) وهم قبل هذا موضع إكبار وتقدير وإجلال من قبل العلماء والمؤرخين ممن يريد الوقوف على ترجمة إمام من أئمة الهدى وتحليل أبعاد شخصيته الفريدة.
فإنك ستجد بين ثنايا ما يكتبون أو يقولون عبائر المديح والثناء والتقديس إن لم يكن جل كلامهم مدح وثناء، وإن لم يكن بمستوى حقيقة الحال، ولكن بما يناسب المقام الأسمى لأهل البيت (عليهم السلام)، ذلك المقام السامق المنبثق من الكتاب والسنة والاعتبار الصحيح، والقضايا الخارجية الصادقة المتسالم عليها بين الأمة،