في هذه المدينة التي سميت فيما بعد (الكاظمية) أو (الكاظمين). كما أمر الناس في بغداد كلها بغلق الحوانيت، وتعطيل الأسواق في يوم عاشوراء، وأن يظهروا الحزن، ويلبسوا السواد بزي خاص بالمناسبة، وأن يخرج النساء والرجال لاطمي الصدور، وافدين على الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) معزين لهما بمصاب جدهما الحسين (عليه السلام)، وبقيت هذه السنة طيلة الحكم البويهي للعراق. ويمكن اعتبار هذه التظاهرة أول موكب عزاء يخرج إلى الشارع لإظهار الحزن والعزاء على مصاب الحسين الشهيد (عليه السلام).
وفي سنة (367 ه / 978 م) في رمضان - نيسان - زادت دجلة زيادة مفرطة، حتى وصل ارتفاع الماء في بعض الأماكن إلى حوالي العشرين ذراعا..
وأشرف الناس على الهلاك لولا انحسار الماء بعد عدة أيام. فغرق بذلك الفيضان مشهد الإمامين وما حوله من مقابر وأبنية.
وفي سنة (369 ه / 979 م) بنى عضد الدولة فناخسرو بن الحسن ركن الدولة البويهي المتوفى سنة (372 ه / 983 م) سورا حول المشهد الكاظمي وما جاوره من أبنية وقبور؛ لحفظ المشهد المقدس وما دار حوله من مقابر. وزاد في تعمير عمارة المشهد من الداخل والخارج، وبالغ في زيادة الإنارة والتزيين، ووضع التسهيلات اللازمة للزائرين. وركن الدولة هو أول من أظهر قبر الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وبنى عليه بنيانا. إذا كان قبل ذلك مخفيا عن العوام، لا يعرفه إلا أكابر الشيعة وخواصهم.
وفي سنة (377 ه / 987 م) أوصل أبو طاهر سعيد الحاجب، مولى شرف الدولة بن عضد الدولة الماء إلى مشهد الإمامين الجوادين، بحفره نهرا كبيرا أجراه من نهر دجيل، وساقه إلى داخل سور المشهد المشرف، وبوصول الماء - ولأول مرة - إلى الصحن المقدس فقد استغنى المجاورون للمرقد والزائرون عن جلب