ومما لا شك فيه أن إلمامك بتأريخ حياة واحد من أئمة الهدى، وسفن النجاة، ذلك التاريخ المشرق، الحافل بالأحداث والعبر، سيجعلك أمام ثقافة وسجايا بعيدة المدى من خلال وقوفك على مكارم اخلاق الإمام الجواد (عليه السلام) أو أي من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وارتشافك من نمير علمهم، وتلمسك لقبس من حديثهم العذب.
فتعال معي - أخي في الإيمان - نقف وقفة تأمل وتدبر أمام هذه الشخصية الفذة العظيمة، التي حفرت وجودها على وجه الحياة وصفحاتها؛ لتبقى عبر الأجيال والقرون وإلى قيام الساعة، منتجعا يجد عنده المجدبون ضالتهم المنشودة بعد وعثاء السفر.. ويستلهم منه المدلجون منارا يهتدون به في حالك المسير إذا أدلهم بهم الخطب.
نعم، إنه الجواد التقي، المنتجب الزكي، المختار الرضي، عيبة العلم..
ومستودع الحكمة.. وهو بعد جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب.
ولكي تتعرف أكثر على معالم شخصية أبي جعفر الثاني (عليه السلام) في هذا الفصل من خلال تباشير ولادته، ونسبه الشريف، وألقابه وكناه، وأولاده، ووفاته (عليه السلام) وكيفية استشهاده، ثم أقوال العلماء والمؤرخين في كيفية وفاته، وما بعد الرحيل، وأخيرا كان لنا بحث في من الذي يتولى شؤون المعصوم؟ وبه كان ختام الفصل، وإليك التفصيل.
تباشير الولادة:
لا عجب أن يبشر الإمام الرضا (عليه السلام) بمولوده المرتقب من قبل أن يولد بسنة.
فالرضا يعلم - وعلمه متوارث عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا ينطق عن الهوى - أن الإمامة في نسله (عليه السلام)، وعلى هذا فلابد أن يولد للرضا ولد يتسلم مقاليد