فقال له: جعلت فداك فلان، ثم أمر بالطعام فرفع وأتي بغيره (1).
أما كيفية سمه وعن أي طريق، فهو أمر غير ذي بال بعد أن تحقق لديك أنه (عليه السلام) مات مسموما. فلا يبعد أنهم استعملوا معه كل وسائل التسميم للقضاء عليه، ولعدة مرات حتى تمكنوا منه (عليه السلام) في واحدة منها.
ومع هذا فلا يمكن نفي رأي معلم الأمة أو شيخ الطائفة وغيرهم بالمرة. فإن عدم ثبوت الخبر أو الإغضاء عنه يستلزم مزيد تتبع واستقصاء.
ما بعد الرحيل:
وينطفئ ذلك النور، الذي أضاء تلك الحجرة المظلمة لما انطفأ مصباحها يوم ميلاده، والذي طالما أضاء الدرب لسالكيه، ممن أرادوا السير في نور الهداية، طيلة مدة حياته، بل سوف يبقى - وهو في جوار ربه - علما يشار إليه، تتطلع له الأجيال مستلهمة من سيرته المعطاء كل مكرمة وفضيلة، وسيبقى منارا يفيض على هذا الوجود كل أسباب العلم والتقى والصلاح والهدى.
ورغم قصر مدة حياته (عليه السلام) وقلة السنين التي استفادتها الأمة من وجوده المبارك الشريف، إلا أنها كانت مديدة في عمق تأثيرها العقائدي والتاريخي، حافلة بالمآثر والمواقف الجهادية والسياسية التي كانت تقلق حكام زمانه، الأمر الذي دعاهم إلى الاغتيال الآثم.
فمواقف أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كانت ألسنة لهب تغيظ في صدور حكام الجور، فكانوا يسرعون إلى إطفاء جذوتها قبل أن تلهب الرأي العام فتحركه ضدهم.