علي بن عبد الله بعمارة ما أتلفه الحريق في المشهد المطهر.
وما أن أطل القرن الثامن حتى كانت المدينة قد سارت أشواطا في طريق تقدمها، عاجة بسكانها، صاخبة بزوارها والقادمين إليها.
ويصفها حمد الله المستوفي في أوائل القرن الثامن فيقول: إنها مدينة صغيرة، يبلغ طول محيطها حوالي ستة آلاف خطوة، وإن سكانها ستة آلاف نسمة.
وفي أوائل القرن العاشر دخلت الكاظمية عهدها الجديد، من حيث الاستقلال الإداري الداخلي، وأصبحت مدينة لها كيانها ودورها في الشؤون العامة، ففي سنة 914 ه سيطر الصفويون على العراق، وزار الشاه إسماعيل الصفوي الكاظمية، وأمر بتشكيل إدارة خاصة بالبلدة ومحكمة شرعية يرأسها قاض يحمل لقب " شيخ الإسلام " وأمر بتشييد المشهد الكاظمي تشييدا رائعا فخما، وعين الرواتب لخدام المشهد والمسؤولين عنه.
وعندما زال الاحتلال الصفوي وتم للسلطان سليمان القانوني احتلال العراق سنة 941 ه لم يتغير وضع الكاظمية السابق، ولما زارها السلطان العثماني أمر بإكمال بعض ما لم يتم من عمارة المشهد، وأقر رواتب سدنة المشهد والعاملين فيه.
وحفلت القرون الأربعة الأخيرة - أي منذ الاحتلال الصفوي إلى نهاية الاحتلال العثماني - بما لا يمكن وصفه من مآسي الأوبئة والطواعين والغرق، وكانت من العنف والشدة والتتابع بشكل حد من تطور الكاظمية، بل وتطور العراق كله إلى أبعد الحدود، ولكن المدينة حافظت على كيانها الخاص خلال العهد الصفوي الأول، فالعهد العثماني التركي الأول، فالعهد الصفوي الإيراني الثاني، ثم العهد العثماني التركي الثاني والأخير. ولما تولى مدحت باشا حكم العراق، جعل الكاظمية قضاء يديره (قائم مقام) بعد أن أضاف إلى حدود الكاظمية الإدارية بعض