عليه، وحمل جثمانه الطاهر إلى مقابر قريش فدفن هناك حيث قبره الشريف الآن.
وذهب بعض المؤرخين إلى أنه دفن في موضع كان قد ابتاعه لنفسه في مقابر قريش، فإن صحت هذه الرواية فإنها تدل على مقدار ما حظيت به هذه الأرض من الأهمية خلال مدة قصيرة لا تتجاوز ثلاثة عقود من السنين.
واشتهر مدفن الإمام بعد ذلك باسم (مشهد باب التبن) نسبة إلى باب التبن الذي كان في شرقيه مما يقرب من دجلة، كما أن المسجد المجاور لقبر الإمام (عليه السلام) كان يسمى (مسجد باب التبن) أيضا.
وفي عام 220 ه في آخر ذي القعدة، أو لخمس أو لست خلون من ذي الحجة توفي ببغداد الإمام أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر (عليهم السلام)، ودفن في تربة جده أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام).
وأصبح السكن حول مقابر قريش - بعد دفن الإمامين فيها - في ازدياد واتساع على مرور الأيام، حيث دفعت العقيدة الدينية بعض الناس إلى السكن حول المشهد لحمايته وإدارته وإيواء زائريه، وكان هذا التجمع حول المشهد هو النواة الأولى لمدينة الكاظمية، هذا فضلا عن الموقع الجغرافي لمقابر قريش من حيث قربها من دجلة وجودة تربتها، ومجاورتها للقرى والأرياف والمزارع والأشجار الوارفة الظلال.
ويستفاد من مجموع النصوص التأريخية المتعلقة بالعصر العباسي الأول أن هذه المنطقة المغمورة قد قفزت قفزات واسعة إلى الأمام، فأصبحت جزءا متصلا ببغداد، بل محلة من محلاتها، وصارت تحدد يومذاك بكونها بين الحربية ومقبرة ابن حنبل والحريم الطاهري، وبذلك أصبحت منطقة عامره بالسكان زاخرة بالعمران شأنها في ذلك شأن سائر المحلات البغدادية الشرقية والغربية.