هارون الرشيد أراد أن يعقد الأمر لابنه محمد بن زبيدة، وكان له من البنين أربعة عشر ابنا، فاختار منهم ثلاثة: محمد بن زبيدة، وجعله ولي عهده، وعبد الله المأمون، وجعل الأمر له بعد ابن زبيدة، والقاسم المؤتمن، وجعل الأمر له بعد المأمون.
فأراد أن يحكم الأمر في ذلك، ويشهره شهرة يقف عليها الخاص والعام، فحج في سنة تسع وسبعين ومائة، وكتب إلى جميع الآفاق يأمر الفقهاء والعلماء والقراء والأمراء أن يحضروا مكة أيام الموسم، فأخذ هو طريق المدينة.
قال علي بن محمد النوفلي: حدثني أبي أنه كان سبب سعاية يحيى بن خالد بموسى بن جعفر (عليه السلام) وضع الرشيد ابنه محمد بن زبيدة في حجر جعفر بن محمد ابن الأشعث، فساء ذلك يحيى، وقال: إذا مات الرشيد، وأفضى الأمر إلى محمد ابن زبيدة انقضت دولتي ودولة ولدي، وتحول الأمر إلى جعفر بن محمد بن الأشعث وولده (1).
وكان قد عرف يحيى مذهب جعفر الأشعث في التشيع، فأظهر له أنه على مذهبه، فسر به جعفر بن الأشعث وأفضى إليه بجميع أموره، وذكر له ما هو عليه في موسى بن جعفر (عليه السلام).
فلما وقف يحيى على مذهبه سعى به إلى الرشيد، وكان الرشيد يرعى له