ما دونها، وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار؟! أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس.
فقال: اسكت لا أم لك، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم.
فلما نظر إلى ذلك مخارق المغني، دخله من ذلك غيظ، فقام إلى الرشيد وقال: يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم تفضل أمير المؤمنين علي، ومنزلتي عنده، فأمر له بعشرة آلاف دينار.
فقال له: يا أمير المؤمنين، هذا لأهل المدينة، وعلي دين فأحتاج أن أقضيه، فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى.
فقال له: يا أمير المؤمنين، بناتي أريد أن أزوجهن، وأنا محتاج إلى جهازهن، فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى.
فقال له: يا أمير المؤمنين، لا بد من غلة تعطنيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي وأزواجهن القوت. فأمر له بأقطاع ما يبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له من ساعته.
ثم قام مخارق من فوره وقصد موسى بن جعفر (عليه السلام) وقال له: قد وقفت على ما عاملك به هذا الملعون، وما أمر به لك، وقد احتلت عليه لك وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار، وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما أحتاج إلى شيء من ذلك، وما أخذته إلا لك، وأنا أشهد لك بهذه الأقطاع، وقد حملت المال إليك.