الأمر، فورد الكتاب، فلما أصبح أحضر أهل بيته وشيعته، فأطلعهم أبو الحسن (عليه السلام) على ما ورد عليه من الخبر، وقال لهم: ما تشيرون في هذا؟
فقالوا: نشير عليك - أصلحك الله - وعلينا معك أن تباعد شخصك عن هذا الجبار، وتغيب شخصك دونه، فإنه لا يؤمن شره وعاديته وغشمه، سيما وقد توعدك وإيانا معك.
فتبسم موسى (عليه السلام) ثم تمثل ببيت كعب بن مالك أخي بني سلمة، وهو:
زعمت سخينة (1) أن ستغلب ربها * فليغلبن مغالب الغلاب ثم أقبل على من حضره من مواليه وأهل بيته، فقال: ليفرخ روعكم (2)، إنه لا يرد أول كتاب من العراق إلا بموت موسى بن المهدي وهلاكه.
فقالوا: وما ذلك أصلحك الله؟
فقال: سنح لي جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامي، فشكوت إليه موسى بن المهدي، وذكرت ما جرى منه في أهل بيته (عليهم السلام) وأنا مشفق من غوائله. فقال لي:
لتطب نفسك يا موسى، فما جعل الله لموسى عليك سبيلا، فبينما هو يحدثني إذ أخذ بيدي وقال لي: قد أهلك الله آنفا عدوك، فليحسن لله شكرك.
ثم استقبل أبو الحسن (عليه السلام) القبلة، ورفع يديه إلى السماء يدعو، وكان خاصته من أهل بيته وشيعته يحضرون مجلسه، ومعهم في أكمامهم ألواح أبنوس لطاف وأميال، فإذا نطق أبو الحسن (عليه السلام) بكلمة أو أفتى في نازلة أثبت القوم ما سمعوا منه في