ويعرف المسيح بصفاته ودلائله وآياته. قال: وعرف بذلك حتى اشتهر في النصارى والمسلمين واليهود والمجوس، حتى افتخرت به النصارى، وقالت: لو لم يكن فيه دين النصرانية إلا بريهة لأجزأنا، وكان طالبا للحق والإسلام مع ذلك.
وكانت معه امرأة تخدمه، طال مكثها معه، وكان يسر إليها ضعف النصرانية وضعف حجتها، قال: فعرفت ذلك منه، فضرب بريهة الأمر ظهرا لبطن، وأقبل يسأل فرق المسلمين والمختلفين في الإسلام، من أعلمكم؟ وأقبل يسأل عن أئمة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم وأهل الحجى منهم، وكان يستقرئ فرقة فرقة، لا يجد عند القوم شيئا، وقال: لو كانت أئمتكم أئمة على الحق لكان عندكم بعض الحق.
فوصفت له الشيعة، ووصف له هشام بن الحكم، فقال يونس بن عبد الرحمن: فقال لي هشام: بينما أنا على دكاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرأون علي القرآن، فإذا أنا بفوج النصارى معه ما بين القسيسين إلى غيرهم نحو من مائة رجل، عليهم السواد والبرانس، والجاثليق الأكبر فيهم بريهة، حتى نزلوا حول دكاني، وجعل لبريهة كرسي يجلس عليه، فقامت الأساقفة والرهابنة على عصيهم، وعلى رؤوسهم برانسهم، فقال بريهة: ما بقي من المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم والكلام إلا وقد ناظرته في النصرانية، فما عندهم شيء، وقد جئت أناظرك في الإسلام.
قال: فضحك هشام، فقال: يا بريهة، إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح، فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه، ذلك روح طيبة خميصة (1) مرتفعة،