الأئمة الأصفياء، لم تنقص له حجة، ولم يجهل مسألة، يفتي في كل سنة، ويجلو كل مدلهمة.
قال بريهة: وصفت المسيح في صفاته، وأثبته بحججه وآياته، إلا أن الشخص بائن عن شخصه، والوصف قائم بوصفه، فإن يصدق الوصف نؤمن بالشخص.
قال هشام: إن تؤمن ترشد، وإن تتبع الحق لا تؤنب.
ثم قال هشام: يا بريهة، ما من حجة أقامها الله على خلقه إلا أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه، فلا تبطل الحجج، ولا تذهب الملل، ولا تذهب السنن.
قال بريهة: ما أشبه هذا بالحق وأقربه من الصدق، وهذه صفة الحكماء، يقيمون من الحجة ما ينفون به الشبهة، قال هشام: نعم.
فارتحلا حتى أتيا المدينة، والمرأة معهما، وهما يريدان أبا عبد الله (عليه السلام)، فلقيا موسى بن جعفر (عليه السلام) فحكى له هشام الحكاية، فلما فرغ قال موسى ابن جعفر (عليه السلام): يا بريهة، كيف علمك بكتابك؟ قال: أنا به عالم.
قال (عليه السلام): كيف ثقتك بتأويله؟ قال: ما أوثقني بعلمي فيه!
قال: فابتدأ موسى بن جعفر (عليه السلام) بقراءة الإنجيل، قال بريهة: والمسيح لقد كان يقرأ هكذا، وما قرأ هذه القراءة إلا المسيح.
ثم قال بريهة: إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة، أو مثلك.
قال: فآمن وحسن إيمانه، وآمنت المرأة وحسن إيمانها.
قال: فدخل هشام وبريهة والمرأة على أبي عبد الله (عليه السلام)، وحكى هشام الحكاية والكلام الذي جرى بين موسى (عليه السلام) وبريهة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):
(ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم).