إني لا أتكلم بالقدر، ولكني أقول: لا يكون إلا ما أراد الله وشاء وقضى وقدر.
فقال (عليه السلام): ليس هكذا أقول، ولكني أقول: لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، ثم قال: أتدري ما المشيئة؟ فقال: لا. فقال: همه بالشيء، أو تدري ما أراد؟ قال: لا. قال: إتمامه على المشية. فقال: أو تدري ما قدر؟ قال: لا. قال:
هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء.
ثم قال: إن الله إذا شاء شيئا أراده، فإذا أراده قدره، وإذا قدره قضاه، وإذا قضاه أمضاه.
يا يونس، إن القدرية لم يقولوا بقول الله: (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) (١)، ولا قالوا بقول أهل الجنة: ﴿الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾ (٢)، ولا قالوا بقول أهل النار: ﴿ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين﴾ (٣)، ولا قالوا بقول إبليس: ﴿رب بما أغويتني﴾ (٤)، ولا قالوا بقول نوح: ﴿ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون﴾ (5).
ثم قال: قال الله: " يا بن آدم، بمشيتي كنت أنت الذي تشاء، وبقوتي أديت إلي فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، وجعلتك سميعا بصيرا قويا، فما أصابك من حسنة فمني، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذلك لأني لا أسأل عما أفعل