وفي كلام رفيع له (عليه السلام) كان يهدف منه إيقاظهم، أوصاهم في سياق توضيح بعض الحقائق أن يرعووا عن لجاجهم وعملهم الذي يسوله لهم جهلهم، وأن يتبينوا طريق الاعتدال، وأشار فيه إلى خلقهم وجبلتهم فقال (عليه السلام):
" ثم أنتم شرار الناس، ومن رمى به الشيطان مراميه، وضرب به تيهه.
وسيهلك في صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق؛ ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق. وخير الناس في حالا النمط الأوسط؛ فالزموه " (1).
العقل مقياس الأعمال إن التعقل، والانطلاق من العقل في العمل، وقياس السلوك بالفكر والتفكر كل أولئك في غاية الأهمية من منظار الدين. وللدين تأكيد عجيب في هذا المجال، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
" ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل " (2).
من هنا، لا يقام وزن للأعمال التي لا تمارس من وحي العقل، ولا للجهود المنطلقة من الجهل والحمق. وهكذا كان الخوارج في خفة عقولهم وجهلهم؛ فإنهم لم يلجؤوا إلى ركن وثيق في الدين مع جميع ما كانوا عليه من العبادة وقيام الليل. والغريب أنهم لم يظفروا بمعتقدات راسخة قط مع ما عرفوا به من استبسالهم في ساحات الوغى، وعباداتهم الطويلة، وتحملهم مشقات في