فقالا له: من أين أقبلت؟ قال: عزيت عليا بفاطمة، قالا: وقد ماتت؟ قال: نعم ودفنت في جوف الليل.
فجزعا جزعا شديدا ثم أقبلا إلى علي (عليه السلام)، فلقياه فقالا له: والله ما تركت شيئا من غوائلنا ومساءتنا، وما هذا إلا من شئ كمن في صدرك علينا، هل هذا إلا كما غسلت رسول الله دوننا ولم تدخلنا معك؟ وكما علمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن انزل عن منبر أبي؟
فقال لهما علي (عليه السلام): أتصدقاني إن حلفت لكما؟ قالا: نعم، فحلف فأدخلهما على المسجد فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقد أوصاني وتقدم إلي انه لا يطلع على عورته أحد إلا ابن عمه، فكنت اغسله والملائكة تقلبه، والفضل بن العباس يناولني الماء وهو مربوط العينين بالخرقة، ولقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح من البيت، سمعت الصوت ولم أر الصورة: لا تنزع قميص رسول الله، ولقد سمعت الصوت يكرره علي، فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته، ثم قدم إلي الكفن فكفنته، ثم نزعت القميص بعد ما كفنته.
واما الحسن ابني فقد تعلمان ويعلم أهل المدينة انه كان يتخطى الصفوف حتى يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) وهو ساجد فيركب ظهره، فيقوم النبي ويده على ظهر الحسن والأخرى على ركبته حتى يتم الصلاة، قالا: نعم قد علمنا ذلك، ثم قال: تعلمان ويعلم أهل المدينة أن الحسن كان يسعى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ويركب على رقبته، ويدلي الحسن رجليه على صدر النبي حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد، والنبي (صلى الله عليه وآله) يخطب، ولا يزال على رقبته حتى يفرغ النبي (صلى الله عليه وآله) من خطبته والحسن على رقبته، فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره شق عليه ذلك، والله ما أمرته بذلك ولا فعله من أمري.
وأما فاطمة (عليها السلام) فهي المرأة التي استأذنت لكما عليها، فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما، والله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها ولا الصلاة عليها،