فقالت: أنشدكما بالله أتذكران أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) استخرجكما في جوف الليل بشئ كان حدث من أمر علي؟ فقالا: اللهم نعم، فقالت: أنشدكما بالله هل سمعتما النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: فاطمة بضعة مني وأنا منها، من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي؟ قالا: اللهم نعم، فقالت: الحمد لله.
ثم قالت: اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني انهما قد آذياني في حياتي وعند موتي، والله لا اكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما إليه بما صنعتما بي وارتكبتما مني، فدعا أبو بكر بالويل والثبور، وقال: ليت أمي لم تلدني، فقال عمر: عجبا للناس كيف ولوك أمورهم، وأنت شيخ قد خرفت، تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها وما لمن أغضب امرأة، وقاما وخرجا.
قال: فلما نعي إلى فاطمة (عليها السلام) نفسها أرسلت إلى أم أيمن - وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها - فقالت: يا أم أيمن ان نفسي نعيت إلي فادعى لي عليا، فدعته لها فلما دخل عليها قالت له: يا ابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها علي، فقال لها: قولي ما أحببت.
قالت له: تزوج فلانة تكون لولدي مربية من بعدي مثلي، واعمل نعشا لي رأيت الملائكة قد صورته لي، فقال لها علي (عليه السلام): أريني كيف صورته، فأرته ذلك كما وصفت له وكما أمرت به، ثم قالت: فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار، ولا يحضرن من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة علي، قال علي: أفعل.
فلما قضت نحبها وهم في ذلك في جوف الليل، أخذ علي (عليه السلام) في جهازها من ساعته كما أوصته، فلما فرغ من جهازها أخرج علي الجنازة، وأشعل النار في جريد النخيل، ومشى مع الجنازة بالنار حتى صلى عليها ودفنها ليلا، فلما أصبح أبو بكر وعمر عادا عائدين لفاطمة (عليها السلام)، فلقيا رجلا من قريش