ادع أبا ذر، فحملاه إلى المصلى فصلى عليها، ثم صلى ركعتين ورفع يديه إلى السماء فنادى: هذه بنت نبيك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور فأضاءت الأرض ميلا في ميل.
فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع: إلي إلي فقد رفع تربتها مني، فنظروا فإذا هي بقبر محفور، فحملوا السرير إليها فدفنوها، فجلس علي (عليه السلام) على شفير القبر فقال: يا أرض استودعتك وديعتي هذه بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنودي منها: يا علي أنا أرفق بها منك فارجع ولا تهتم، وانسد القبر واستوى بالأرض ولم يعلم أين كان إلى يوم القيامة (1).
وورد في بعض الروايات انها (عليها السلام) لما اشتد عليها المرض رأت في منامها - أي بين النوم واليقظة - النبي (صلى الله عليه وآله) في فراديس الجنان، فشكت إليه ما نالها من بعده، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكم الآخرة التي أعدت للمتقين، وانك قادمة علي من قريب أو إلى أيام، وان النبي (صلى الله عليه وآله) سار بها في فضاء الجنة وساحاتها وقصورها وبيوتها ودورها، وقال: هذه مسكنك ومسكن زوجك وولديك ومن أحبك وأحبهما - إلى غير ذلك -.
فانتبهت من رقدتها وصاحت بعلي (عليه السلام) وحكت له القصة، وأوصت بما أوصت إليه من الوصية، إلى أن حضرتها الوفاة بعد موهن من الليلة سلم عليها جبرئيل وميكائيل وعزرائيل واحدا بعد واحد وقد ملئ البيت من الرائحة الطيبة من جهة نزول الملائكة، ويسمع من في البيت همهمة الملائكة أيضا، فتشهدت ومدت رجليها ويديها فغمضت، وتولى غسلها وتكفينها علي أمير المؤمنين (عليه السلام) (2).
كما في عيون المعجزات للمرتضى (رحمه الله) وغيره: وأخرجها ومعه