ألا يظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة يترضاها، فبات ليلة في البقيع (1) ما أظله شئ.
ثم إن عمر أتى عليا (عليه السلام) فقال له: إن أبا بكر شيخ رقيق القلب، وقد كان مع رسول الله في الغار وله صحبة، وقد أتيناها غير هذه المرة مرارا نريد الإذن عليها وهي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنترضى، فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل، قال: نعم.
فدخل علي على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت، وقد ترددا مرارا كثيرة رددتهما ولم تأذن لهما، وقد سألاني أن أستأذن لهما عليك، فقالت: والله لا آذن لهما ولا أكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني.
قال علي (عليه السلام): فإني ضمنت لهما ذلك، فقالت: إن كنت قد ضمنت لهما شيئا فالبيت بيتك والنساء تتبع الرجال لا أخالف عليك بشئ، فأذن لمن أحببت، فخرج علي (عليه السلام) فأذن لهما فلما وقع بصرهما على فاطمة سلما عليها، فلم ترد عليهما وحولت وجهها عنهما، فتحولا واستقبلا وجهها حتى فعلت مرارا وقالت: يا علي جاف الثوب وقالت لنسوة حولها: حولن وجهي.
فلما حولن وجهها حولا إليها فقال أبو بكر: يا بنت رسول الله إنما أتيناك ابتغاء مرضاتك واجتناب سخطك، نسألك أن تغفري لنا وتصفحي عما كان منا إليك، قالت: لا أكلمكما من رأسي كلمة واحدة حتى ألقى أبي وأشكوكما إليه وأشكو صنيعكما وفعالكما وما ارتكبتما مني، قالا: إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك، فاغفري واصفحي عنا ولا تؤاخذينا بما كان منا.
فالتفتت إلى علي (عليه السلام) وقالت: إني لا اكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شئ سمعاه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن صدقاني رأيت رأيي، قالا: اللهم ذلك لها وانا لا نقول إلا حقا، ولا نشهد إلا صدقا.