أو من العامة.
وهذا باب عظيم يدخل منه الشيطان، فيفسد على الناس أحكام الدين والملة، كما ترى ان مع استقرار الحكم ظاهرا بنجاسة الدماء مطلقا، يحكم بعض السفهاء في عصرنا بطهارة دم العارف الفلاني وبوله وغائطه، فكيف إذا كان هناك روزنة للدخول في هذه المسألة، فسدوا هذا الباب من صدر الشريعة، وحكموا باطلاقات كلامهم بوجوب غسل الدماء بالمرة، وكانوا (عليهم السلام) يغسلون الدم ونحوه من أنفسهم أو من غيرهم.
واما من حيث الحقيقة فليس في دم المعصوم (عليه السلام) خباثة بالمرة لا ظاهرية ولا باطنية، بل هو طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر في غاية الطهارة، وآية التطهير أيضا تدل على حكم المسألة، كما أن السكر المغصوب ليس فيه خباثة ذاتية بل هو في غاية اللطافة، لكن عرض عليه حكم الاجتناب عنه من جهة المصالح الخارجية، فيقال: ان وجوب الاجتناب فيه انما هو من الأحكام التعبدية لا انه من جهة الخباثة والنجاسة.
وأي خبيث يتجاسر أن يقول بخباثة دم المعصوم (عليه السلام) في عرض الخمر ودم الخنزير ولحم الميتة مثلا - نعوذ بالله من سماع تلك المقالة - فدماؤهم (عليهم السلام) أطهر وألطف من كل لطيف ونظيف بمراتب كثيرة.
وقد مر ان الأنبياء (عليهم السلام) خلقوا من نور أجسامهم اللطيفة، وأجسادهم الشريفة، ودماؤهم من جملة أجزائهم في عالم الجسمية، ولا معنى لطروء النجاسة بالنسبة إلى العقول الصافية، فكيف بما هو أعلى منها مرتبة؟!
فالأنوار اللطيفة في غاية اللطافة لا تعرضها الخباثة والكثافة، وكذا الحكم في البول والغائط، ولذا كان رائحتهما من المعصوم (عليه السلام) كالمسك الأذفر.
وكذا النطفة منهم (عليهم السلام)، وإن كان مادة هذه الأمور من الأغذية الدنيوية الكثيفة، الا انها بمجاورة جسم المعصوم (عليه السلام) ومخالطته ومصاحبته تكتسب اللطافة الكاملة بالتبعية، ولذا كان اللباس والعباء على جسم