والميتة وهكذا.
ثم اختلفوا في أن تلك المصالح والمفاسد الكامنة في الأشياء الموجبة لترتب الأحكام المخصوصة، هل هي ذاتية أو عارضية من جهة الصفات اللازمة، أو بالوجوه والاعتبارات الخارجية أو لا كلية في المرحلة، وتفصيل المسألة موكول إلى محله.
والقول الرابع الذي اختاره المحققون من المتأخرين هو التفصيل، وان الأشياء في أنفسها مختلفة، فالمصالح والمفاسد في بعضها ذاتية كالايمان والشرك مثلا، وحب آل محمد (عليهم السلام) وبغضهم، والذاتي لا يختلف ولا يتخلف، ولا يتبدل ما بالذات في حال من الحالات، وفي بعضها باعتبار الأوصاف اللازمة كالكذب النافع المنجي للنبي (صلى الله عليه وآله) من الهلاك، والكذب الذي ليس كذلك سيما إذا كان مضرا.
وبعضها بالوجوه والاعتبارات كالخبز الأبيض الجيد في غاية الجودة، والعسل الشافي، والسكر الصافي في غاية الحلاوة واللطافة، إذا كان شئ من ذلك مغصوبا فان الحرمة في نحو ذلك ليست لخباثة ذاتية فيه ولا لصفة لازمة، بل هي من جهة الوجوه والاعتبارات الخارجية، وذلك بملاحظة ان الرخصة في نحو ذلك توجب المفسدة الخارجية الطارئة من جهة اختلال نظام العالم مثلا، فيختل به أمور معاش بني آدم، ويؤدي إلى اختلال أمور معادهم.
ثم إن معنى النجاسة في الشيء ليس الا وجوب الاحتراز عنه في الصلاة مثلا، أو الأكل والشرب ونحو ذلك، ووجوب الاحتراز فيه اما من جهة خباثة في نفسه ذاتا أو صفة، أو من جهة المصالح الخارجية، فدم المعصوم (عليه السلام) يجب غسله البتة بحسب القواعد الشرعية من جهة المصالح الخارجية، إذ لو بني على عدم غسله مثلا بالحكم بالطهارة لزم الهرج والمرج في الشريعة، فكان يقول بعض الناس بطهارة دم سلمان، وبعضهم بطهارة دم أبي ذر، ومريد العالم الفلاني بطهارة دمه، ومريد العارف الفلاني كذلك، وكذا في البول والغائط من الخاصة