فاطمة (عليها السلام) بإجماع الأمة، فلو فرضنا عدم كونها نحلة لفاطمة (عليها السلام) فلا بد أن تكون باقية على ملكه إلى حين وفاته.
وهذا مسلم عند الخصم أيضا إذ لم يتمسك أبو بكر في رد فاطمة (عليها السلام) الا بالخبر الذي رواه عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قوله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) فهو قد جعل فدكا مما تركه النبي (صلى الله عليه وآله) الا انه ادعى أن النبي قال ما تركه الأنبياء لا يكون إرثا وانما يكون صدقة بين المسلمين، ولم يقل أحد أيضا بأن الأنبياء لا يملكون بأنفسهم شيئا في حياتهم، وان كل ما يملكونه انما هو صدقة، ولا يدعيه أحد بالمرة وهو خلاف الضرورة، فمراد من روى الرواية ان الأنبياء يملكون الأموال الدنيوية مثل الرعية، لكن ما تركوه من أموالهم يكون صدقة بعد موتهم فلا يقسم بين الورثة.
الثانية: ان ورثته كانت منحصرة فيها أي في فاطمة (عليها السلام) فهي الوارثة، واما الأزواج فليس لها جهة ارث من العقار والضيعة على المشهور بين الأمة، فثبت على تقدير عدم كون فدك نحلة لها من أبيها انها حقها من جهة الإرث البتة للإجماع وعمومات الآيات، والأخبار الدالة على انتقال مال الميت وما له لورثته، وان ما تركه الميت فهو لوارثه.
ولم يدل دليل على كون عدم التوريث من جملة خصائص الأنبياء (عليهم السلام)، ولا نقل القول بذلك من أحد من المتأخرين والقدماء، وأصالة الاشتراك في الأحكام حاكمة بكونهم كالرعية، الا ما خرج بالدليل الدال على خلاف تلك الأصالة.
واما جواب أبي بكر في مقابل هذه الدعوى الثابتة بالإجماع والضرورة، فهو انه روي حينئذ قوله: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، ويردها أمور:
أحدها: انه لم يكن لهذا الخبر أصل ولا فصل، بل هو قول هزل كان راويه في شك منه كما ترى ان أبا بكر أسنده في موضع إلى نفسه فقال: اني سمعت رسول الله يقول: انا معاشر الأنبياء لا نورث.