تعالى: ﴿وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم﴾ (١) فلا يضره كفران نعمته، بل إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا من الثقلين بالكفر الأصلي أيضا فلا يضره تعالى، فإن الله سبحانه لغني حميد، بل ضرر كفرانكم عائد إليكم حيث حرمتم من فضله تعالى، وكذلك مزيد إنعامه وإكرامه وهكذا ضرر كفركم.
والحاصل انكم تركتم الإمام بالحق وخلعتم بيعته من رقابكم، ورضيتم ببيعة أبي بكر إما لحب الاستراحة الحاصلة من ترك المجاهدة معه ومن تبعه، أو لعلمكم بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يتهاون ولا يداهن في دين الله، ولا تأخذه لومة لائم في الله، ويأمركم بارتكاب الشدائد في الجهاد مع أعداء الله، وترك ما تشتهون من زخارف الدنيا، وهو تقسيم الفيء بينكم على حد سواء، ولا يفضل الرؤساء والامراء، وان أبا بكر رجل سلس القياد يداهن في الدين لارضاء العباد، فلذا رفضتم الإيمان وخرجتم عن طاعته سبحانه إلى طاعة الشيطان، ولا يعود وباله إلا إليكم.
وفي الكشف: (ألا وقد أرى والله أن قد أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة، فمججتم الذي أوعيتم، ولفظتم الذي سوغتم) (٢)، وفي رواية ابن أبي طاهر:
(فعجتم عن الدين...) (٣).
يقال: ركن إليه - بفتح الكاف وقد يكسر - أي مال إليه وسكن، قال تعالى:
﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ (4)، وقال الجوهري: عجت بالمكان أعوج أي أقمت به وعجت غيري يتعدى ولا يتعدى، وعجت البعير عطفت رأسه بالزمام، والعائج الواقف، وذكر ابن الأعرابي: ما يعوج من شئ أي ما يرجع عنه (5).