وفي النهاية في صفة أهل الجنة: (إنما هم هرجا ومرجا) الهرج كثرة النكاح (1)، ويقال: وقع القوم في هرج ومرج أي فتنة واختلاط، وذكر المرج للمزاوجة مع الهرج، أو ان الهرج من قولهم: هرجت الباب أي تركته مفتوحا والمرج عكسه، فيكون كلاهما كناية عن الإختلاط الحاصل من جهة الفتنة، وقيل غير ذلك.
و (استوسق) أي اجتمع وانضم من الوسق - بالفتح - وهو ضم الشيء إلى الشيء، واتساق الشيء انتظامه، وروي استوثق من الوثوق بالثاء المثلثة.
قولها (عليها السلام): (فأنى حرتم...) أنى ظرف مكان بمعنى أين وقد يكون بمعنى كيف، أي أين حرتم وكيف تحيرتم بعد بيان الحال ووضوح سبيل المبدأ والمآل، وهذا على تقدير رواية الفعل بالحاء المهملة المكسورة من الحيرة، وروى جرتم - بالجيم - من الجور، وهو الميل من القصد والعدول عن الطريق، أي لماذا تركتم سبيل الحق بعد ما تبين لكم، وبالحاء المهملة المضمومة من الحور بمعنى الرجوع أو النقصان كما في الخبر: (أعوذ بالله من الحور بعد الكور) (2) أي من النقصان بعد الزيادة.
و (أسررتم بعد الإعلان) أي أسررتم كلمة الإيمان أي تركتم العمل بها والقيام بمقتضياتها بعد أن أعلنتم بها في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
و (نكصتم بعد الإقدام) من النكوص بمعنى الرجوع إلى خلف أي رجعتم القهقرى عن الإسلام، أو عن مجاهدة أعداء الله تعالى بعد أن أقدمتم على ذلك في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والجمل الأربعة كلها راجعة إلى معنى واحد.
و (نكث) العهد - بالفتح - نقضه كما مر.
و (الأيمان) بفتح الهمزة جمع اليمين وهو القسم، ويستعمل في مطلق العهد والمعاهدة ولعله المراد هنا.