دونك، أي لا تمنع أيضا منك، أي جعلتك متصرفة فيها فتصرفي كيف شئت وأنى شئت لا نضايقك في ذلك، والحال انك سيدة الأمة والشجرة الطيبة لبنيك الأئمة (عليهم السلام)، لا يليق ولا يصح منع مثلك من أن تتصرفي فيها مثل مالك.
(ولا يوضع من فرعك وأصلك) أي لا نحط درجتك، ولا ننكر فضل أصولك وأجدادك وفروعك وأولادك، وحكمك نافذ في جميع ما ملكته يداي، ومع هذا كله فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك.
وهذا كله إيقاع للناس في الشبهة اني لا أمنع فدك من جهة دنيوية وإنما هو من جهة حكم الشريعة بذلك، وأنا راض بأن أترك جميع ما أملكه لأجل فاطمة بلا منع ولا مضايقة ولا عداوة بيننا ولا أغراض دنيوية لا أن أرد فدك.
فانظر إلى الحيل الشيطانية التي أعملها أبو بكر في أثناء الكلمات المذكورة، ثم إلى وقاحته في إنشاء هذه الأكذوبة وبيانها بهذا التفصيل في مجمع العامة والخاصة، ومواجهته بها مع هذه المعصومة المطهرة المحدثة العالمة بالجفر والجامعة، وبما كان وما يكون إلى يوم القيامة وبعد يوم القيامة، ثم إلى تصديقه لها فيما تقول، واذعانه بكونهم (عليهم السلام) مسالك الجنة ودلائل الهدى، ومنعهم عما ادعوا لأنفسهم مما خصه الله ورسوله بهم، مع العلم بصدقهم وتيقن ثبوت حقهم، وليس نحو ذلك من الظالمين ببعيد سيما من مثل هذا الجبار العنيد.
* * *