والمشهور بين المفسرين أن الآية نزلت في اليهود الذين نقضوا عهودهم، وخرجوا مع الأحزاب، وهموا باخراج الرسول من المدينة، وبدؤوا بنقض العهد وبالقتل، وقيل: نزلت في مشركي قريش وأهل مكة حيث نقضوا أيمانهم التي عقدوها مع الرسول والمؤمنين على أن لا يعاونوا عليهم أعداءهم، فعاونوا بني بكر على خزاعة، وقصدوا إخراج الرسول (صلى الله عليه وآله) من مكة حين تشاوروا بدار الندوة، وأتاهم إبليس على صورة الشيخ النجدي وأغرى القوم على قتل النبي (صلى الله عليه وآله) إلى آخر القصة، فهم بدؤوا بالمعاداة والمقاتلة في هذا الوقت أو يوم بدر.
والمراد بالقوم الذين نكثوا أيمانهم في كلامها (عليها السلام) اما الذين نزلت فيهم الآية، فالغرض التعرض بوجوب قتال الغاصبين للإمامة، الخائنين في حقها، الناكثين لما عهد إليهم الرسول (صلى الله عليه وآله) في وصيته وذوي قرباه وأهل بيته، كما وجب بأمره سبحانه قتال من نزلت الآية فيهم.
أو المراد بهم الغاصبون لحق أهل البيت (عليهم السلام)، فالمراد بنكثهم أيمانهم نقض ما عهدوا إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) حين بايعوه من الانقياد له في أوامره، والانتهاء عند نواهيه، وأن لا يضمروا له العداوة، فنقضوه ونقضوا ما أمرهم به.
والمراد بقصدهم إخراج الرسول عزمهم على إخراج من هو كنفس الرسول، وهو قائم مقامه بأمر الله وأمره (صلى الله عليه وآله) عن مقام الخلافة، وعلى إبطال أوامره ووصاياه وأهل بيته النازل منزلة إخراجه من مستقره، وحينئذ يكون من قبيل الإقتباس، وفي بعض الروايات: (فبؤسا لقوم نكثوا أيمانهم...) وهو دعاء عليهم نظير قوله تعالى: ﴿ألا بعدا لعاد قوم هود﴾ (1).
ونحو ذلك قولها (عليها السلام) (وقد أرى...) الرؤية هنا بمعنى العلم أو النظر بالعين.