((ثم رنت (عليها السلام) بطرفها نحو الأنصار وقالت:
يا معشر النقيبة، وأعضاد الملة، وحضنة الإسلام، ما هذه الغميزة في حقي، والسنة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبي يقول: (المرء يحفظ في ولده) سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة، ولكم طاقة بما أحاول، وقوة على ما أطلب وأزاول، أتقولون مات محمد (صلى الله عليه وآله)؟
فخطب جليل استوسع وهيه، واستنهر فتقه، وانفتق رتقه، وأظلمت الأرض لغيبته، وانكسفت النجوم لمصيبته، وأكدت الآمال، وخشعت الجبال، وأضيع الحريم، وأزيلت الحرمة عند مماته، فتلك والله النازلة الكبرى، والمصيبة العظمى، لا مثلها نازلة، ولا بائقة عاجلة، أعلن بها كتاب الله عز وجل في ممساكم ومصبحكم، يهتف به في أفنيتكم هتافا، وصراخا، وتلاوة، وإلحانا، ولقبله ماحل بأنبياء الله ورسله، حكم فصل وقضاء حتم: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين﴾ (1).
بيان:
(رنى) إليه يرنو رنوا إذا أدام النظر إليه، ورجل رناء الذي يديم النظر إلى النساء، وأرناه غيره يقال: أرناني حسن ما رأيت أي حملني على الرنو، وفي بعض النسخ رمت من الرمي، وهو أيضا صحيح من حيث المعنى.
و (الطرف) بالفتح: العين أو النظر، ولا يجمع لأنه في الأصل مصدر قولك:
طرف البصر يطرف طرفا - من باب ضرب - إذا نظرت أو تحركت، ومنه حديث