بها قبل وقوعها حيث قال تعالى: ﴿إنك ميت وانهم ميتون﴾ (١) وقال تعالى: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل....﴾ (2).
وأنتم تسمعونه في صباحكم ومسائكم يهتف به - بصيغة المجهول - أي يقرأ ويتلى في أفنيتكم أي في دوركم وسكككم كناية عن غاية الشيوع، قراءة على نحو الهتاف والصراخ أي بالأنحاء المختلفة، فيقرأه بعضهم على نحو الهتاف أي الصوت الخفي الضعيف، وبعضهم على نحو الصراخ أي الصوت القوي الشديد، وبعضهم على نحو التلاوة أي التلاوة المعهودة، وبعضهم على نحو الألحان، وذلك باختلاف القارين والتالين في الصوت والحالة واللهجة.
وان ما حل بأنبياء الله ورسله قبل النبي (صلى الله عليه وآله) من الموت، هو حكم فصل وقضاء حتم ما كان يتخلف في مادة أحد، وقد قال تعالى: (وما محمد إلا رسول....) أي كان أمر موته معلوما محققا قطعا، وما قرر الله لأحد من خليقته الحياة الأبدية، فليس أمر الموت غريبا بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا يدل ذلك على بطلان نبوته وما أتى به من شريعته، فما لكم ترتدون على أدباركم وتنقلبون على أعقابكم، ومالكم كيف تحكمون، أم لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم لما تخيرون.
قال بعض أماثل المتقدمين (3): واعلم أن الشبهة العارضة للمخاطبين بموت النبي (صلى الله عليه وآله) إما عدم تحتم العمل بأوامره، وحفظ حرمته في أهل بيته لغيبته، فإن العقول الضعيفة مجبولة على رعاية الحاضر أكثر من الغائب، وانه إذا غاب عن أبصارهم ذهب كلامه عن أسماعهم ووصاياه عن قلوبهم، فدفعها ما أشارت إليه من اعلان الله جل ثناؤه بوقوع تلك الواقعة الهائلة قبل وقوعها، وان الموت مما قد نزل بالماضين من أنبياء الله ورسله تثبيتا للأمة على الإيمان، وإزالة