قولها (عليها السلام): (وقد جئت شيئا فريا) أي أمرا عظيما بديعا، وقيل: أي أمرا منكرا قبيحا، أو أمرا كاذبا مأخوذا من الإفتراء بمعنى الكذب عن عمد، كما قالت (عليها السلام): (أفعلى عمد تركتم كتاب الله) وهو استفهام تقريري، ولم يكن كذبهم هذا عن شبهة بعد وضوح أمر الشريعة، وشيوع مسألة التوارث للعمومات الدالة عليه من الكتاب والسنة.
واعلم أنه قد وردت الروايات المتظافرة كما عرفت وستعرف في أنها (عليها السلام) ادعت أولا أن فدكا كانت نحلة لها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلعل عدم تعرضها صلوات الله عليها في هذه الخطبة لتلك الدعوى ليأسها عن قبولهم إياها، إذ كانت الخطبة بعد ما رد أبو بكر شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن شهد معه في دعوى النحلة، وقد كان المنافقون الحاضرون معتقدين بصدقه (عليه السلام)، فتمسكت بمسألة الميراث لكونها من ضروريات الدين، ومن المسلمات في شرائع الأولين والآخرين، بل بين أهل كل مذهب ودين ولو من غير المليين.
و (الحظوة) بكسر الحاء وضمها وسكون الظاء المعجمة المشالة: المكانة والمنزلة، يقال: حظيت المرأة عند زوجها إذا دنت من قلبه، وحظي فلان عند الناس - من باب تعب - إذا أحبوه ورفعوا منزلته، ولعله من الحظ بمعنى الجد كما يقال: فلان محظوظ أي ذو حظ أي صار ذا حظ عندهم، ثم قلب أحد طرفي التضعيف ياء كما هو شائع مثل أحسيت وأمليت.
وفي الدعاء: (وما يقرب منك ويحظي عندك) (1) أي ما يوجب لي الحظ عندك، وأحظيته على فلان أي فضلته عليه، وفي حديث أزواج النبي (صلى الله عليه وآله): (تزوجني رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شوال وبنى في