والهزم في الأصل بمعنى الكسر ومنه قولهم: تهزم السقاء إذا يبس فتكسر، قال تعالى: ﴿فهزموهم بإذن الله﴾ (1) أي كسروهم، وهزم الأحزاب وحده أي كسرهم.
و (الجمع) الجماعة واللام للعهد أي انهزم جماعة المشركين، وأصل الجمع ضم شئ إلى شئ ثم يطلق على معنى المجموع مصدرا بمعنى المفعول، ويصدق على اثنين وأكثر وهذا هو الجمع اللغوي، وعليه حمل على وجه قوله (صلى الله عليه وآله): (الاثنان وما فوقهما جماعة) (2) بخلاف الجمع الاصطلاحي فإن أقله ثلاثة على المشهور، وإن قيل بكونه اثنين أيضا.
وقيل: إن اطلاقه على الاثنين إنما هو باعتبار الجمع المنطقي لا الاصطلاحي مطلقا، واما بالنسبة إلى المنطق فلعل وجهه انهم قالوا ان الكلي انما يتشخص بالأفراد أو يوجد في ضمن الأفراد ونحو ذلك، ومرادهم من الأفراد ليس الثلاثة وما فوقها البتة بل أعم مما يصدق باثنين أيضا، وهو أول مراتب الكثرة ولهذا نسب ذلك إليهم.
وبالجملة اختلف علماء العربية في أقل الجمع الاصطلاحي على المشهور، فقيل ثلاثة، وقيل اثنان، والظاهر منهم انه لا فرق بين جمع يكون مفرده فردا أو زوجا أو جمعا، فكما أن أقل الأول على القول بأنه ثلاثة ثلاثة أفراد كما عند الأكثر، كذلك أقل الثاني ثلاثة أزواج، وأقل الثالث ثلاثة جموع، وإلى هذا ينظر قول من قال: أقل جمع الجمع تسعة إلا أن وقوعه غير ثابت.
وحكى المحشي الشيرازي عن العلامة قطب الدين الشيرازي عن الفتوحات المكية أن مؤلفها قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض الوقائع فسألته عن أقل مراتب الجمع وقلت: ذهب فريق إلى أنه ثلاثة، وفريق إلى اثنان، فما الحق؟ فقال (صلى الله عليه وآله): أخطأ هؤلاء وهؤلاء، بل ينبغي أن يفصل