أي من مشقة البلاء، وفي الحديث: (المسكين أجهد من الفقير) (١) أي أسوء حالا منه، ويقال: جاهد في سبيل الله مجاهدة وجهادا أي بذل الوسع والمجهود بالمعنى المصدري لا المفعول فيما أمر به.
وقوله تعالى: ﴿جاهدوا في الله حق جهاده﴾ (٢) أي في عبادة الله، قيل: وهو أن تعبد ربك كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ولذلك قال (حق جهاده) أي جهادا حقا كما ينبغي بجذب النفس وخلوصها عن شوائب الرياء والسمعة مع الخشوع والخضوع.
والجهاد مع النفس الأمارة واللوامة في نصرة النفس العاقلة المطمئنة وهو الجهاد الأكبر، ولذا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه رجع عن بعض غزواته فقال: رجعنا من الجهاد الأصغر وبقي علينا الجهاد الأكبر (٣).
وفي الخبر: (أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك) (٤).
وفي الخبر: (أفضل الجهاد جهاد النفس) (٥) وهو قهرها وبعثها على ملازمة الطاعات، ومجانبة المنهيات ومراقبتها على مرور الأوقات، ومحاسبتها على ما ربحته وخسرته في دار المعاملة من السعادات، وكسر قوتها البهيمية والسبعية بالرياضات، كما قال تعالى: ﴿قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها﴾ (٦)، وقوله تعالى: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ (7).
قال الشيخ أبو علي: أي جاهدوا الكفار ابتغاء مرضاتنا وطاعة لنا، وجاهدوا