الأول مقاومة النفس للمكاره الواردة عليها وثباتها وعدم انفعالها، وقد يسمى به سعة الصدر وهو داخل تحت الشجاعة، والصبر الثاني مقاومة النفس لقوتها الشهوية، وهي فضيلة داخلة تحت العفة.
ثم إن في تحمل المكروه امتثالا لأمر الله، وفيه مقامات ثلاثة: الصبر، والشكر، والرضا، فالصبر أن يشق البلاء على النفس ومع ذلك يصبر ويتحمل، والشكر أن يكون وجود البلاء وعدمه عنده سواء فيشكر الله على كل حال، والرضا أن يكون حبه للبلاء أكثر من عدم البلاء لما يرى فيه من أن البلاء للولاء، ويجوز المبادلة بين المقامين الأخيرين في التسمية بالإسمين الأخيرين.
مى ننالم ترسم أو باور كند * و ز ترحم جور را كمتر كند در بلا هم مى چشم لذات أو * مات اويم مات اويم مات أو والصبور من أبنية المبالغة ومعناه قريب من الحليم، والفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة من صفة الصبور كما يأمنها من صفة الحليم، وفي الحديث: (لا أحد أصبر على أذى يسمعه عن الله عز وجل) (1) أي أشد حلما عن فاعل ذلك في ترك المعاقبة عليه.
والمراد من الصبر في الفقرة الشريفة الصبر على مضض الجهاد الأصغر ومشقاته خصوصا، وعلى ما يشمل الجهاد الأكبر عموما مع الصبر على مشقة فعل جميع الطاعات، وعن ترك لذائذ جميع السيئات، وكون الصبر معونة على استيجاب الأجر من أنه يتم به فعل الطاعات وترك السيئات.
و (المعونة) من قولهم: استعان عليه به فأعانه، وقد يتعدى بنفسه فيقال:
استعانه، والاسم المعونة مفعلة - بضم العين - من العون بمعنى الظهر، وبعضهم يجعل الميم أصلية ويقال هو من الماعون وانها فعولة.
وفي الصحاح: المعونة الإعانة، تقول: ما عندك معونة ولا معانة - بالفتح - ولا