مع نفسه في عبادته تعالى، والباء هنا بمعنى في، وهذه غير الباء في قولهم: أشرك بالله.
والكفر قسمان لأنه إذا فرض شخص آخر مع الله سبحانه، فإما أن يجعل الإله هو الله وحده دون الغير فهو التوحيد، أو الغير وحده فهو الكفر الغير الشركي وله أقسام عديدة، أو يجعل كلاهما إلها وهو الكفر الشركي.
وهو إما على سبيل الاستقلال في كل منهما مثل شرك الثنوية، أو بدون الاستقلال بل مع الشركة المطلقة، ولو بأن يجعل للغير مدخلية في الجملة ولو مثقال ذرة، فيدخل في الشرك حينئذ العمل بالرياء والسمعة ونحو ذلك مما كان هناك شائبة الغير، باعتبار الذات أو الصفة أو الفعل أو العبادة.
وقلما يخلو أحد من الشرك بالمرة، غاية الأمر أن الشرك الموجب للحكم بالكفر والنجاسة الظاهرية شرك مخصوص لا جميع مراتبه - على ما أشير إليه آنفا - فترك الواجب وفعل المعصية يوجب إشراك الشيطان بالله سبحانه في العبادة، فإن المخالفة لله سبحانه عبادة للشيطان وإشراك له بالرحمن، كما قال تعالى: ﴿ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم﴾ (١).
وفي الحديث: (الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء) (٢) يريد به الرياء في العمل، فكأنه أشرك في عمله غير الله، ومنه قوله تعالى: ﴿ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ (3).
وفيه: (من حلف بغير الله فقد أشرك) (4) أي قد خالف الله وعصاه، أو جعل ما