لكونه مصدرا في الأصل، وسواء في قولهم: (شرع سواء) قيل: كأنه من باب عطف البيان، لأن الشرع في مثل المثال بمعنى السواء، أو هو تأكيد من غير اللفظ، ولا يخفى وجه المناسبة بين الشريعة الاصطلاحية وجميع المعاني اللغوية المسطورة لهذه المادة.
ثم إن الشريعة قد تطلق على مجموع الدين المقرر، وقد تطلق على كل واحد واحد من الأحكام أو من دلائل الأحكام، والثاني أكثر وأظهر، فيكون الدليل بمنزلة المشرعة، والحكم المأخوذ منه بمنزلة الماء، فيجمع الشريعة بالنسبة إلى الملة الواحدة بهذا الاعتبار كما جمعت في الفقرة الشريفة.
و (المكتوبة) كناية عن المقررة، وأصل الكتابة بمعنى الخط وهو واضح، ومعنى هذه المادة في اللغة هو الجمع المطلق، أو جمع قطع الأديم بالسيور والخيوط، قال الشاعر:
لا تأمنن فزاريا خلوت به * على قلوصك (١) واكتبها بأسيار (٢) سمى الكتابة بذلك لما فيها من الجمع بين الحروف والكلمات بعضها مع بعض.
ثم قد تطلق الكتابة على الفرض ونحوه، كقوله تعالى: (كتب عليكم الصيام) أي فرض ﴿كما كتب على الذين من قبلكم﴾ (3)، ويطلق على مطلق التقرير والجعل، فيشمل تشريع الأحكام الخمسة التكليفية والخمسة الوضعية، أو مطلق الأحكام الوضعية بناء على تعميمها - على ما قرر في الأصول - مع إخراج الصحة والفساد عن الخمسة المعروفة بالوضعية في الكتب الأصولية القديمة، بناء على أنهما من الأحكام العقلية لا الشرعية الوضعية.
والمراد من الشرائع المكتوبة هنا المكروهات، فيكون كل من الفقرات المذكورة عبارة عن نوع واحد من الأحكام الشرعية التكليفية: الوجوب،