والزكاة قسم من الصدقة، ولذا يقال تزكى بمعنى تصدق، وقوله تعلى: ﴿قد أفلح من تزكى﴾ (١) أي أدى زكاته مرادا بها زكاة البدن أي الفطرة أو زكاة المال، وقوله تعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ (٢) يحتمل الوجهين.
والزكاة جاءت لغة بمعنى الطهارة أيضا، وأصلها فعلة قلبت الواو ألفا، والظاهر أن هذا المعنى هو الأظهر في وجه التسمية، فإن زكاة المال طهر للأموال، وزكاة الفطر طهر للأبدان، قال تعالى: ﴿ما زكى منكم من أحد﴾ (٣) أي ما طهر، وقوله تعالى:
﴿وأوصاني بالصلاة والزكاة﴾ (٤) أي الطهارة، وقيل: زكاة الرؤوس.
وقوله تعالى: ﴿أقتلت نفسا زكية﴾ (٥) أي طاهرة، و ﴿ذلكم أزكى لكم وأطهر﴾ (٦) يحتمل الطهارة والنمو أيضا، ﴿قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها﴾ (٧) الضمير للنفس، وتزكيتها تطهيرها من الأخلاق الذميمة الناشئة من شره البطن والكلام والغضب ونحو ذلك، وفي الغريب: (قد أفلح من زكاها) أي ظفر من طهر نفسه بالعمل الصالح (٨).
وقد مر أن الزكاة كما انها اسم للمال المخرج اسم من التزكية أيضا، فهي من الأسماء المشتركة بين المخرج والفعل، فتطلق على العين وهي الطائفة من المال المزكى بها، وعلى المعنى وهو التزكية.
قال في النهاية: ومن جهل بهذا البيان أي كون الزكاة اسما للعين والمعنى، أتى من ظلم نفسه بالطعن على قوله تعالى: ﴿والذين هم للزكاة فاعلون﴾ (9) ذاهبا إلى